ناقشنا في المقالين السابقين قضية (شهادة الرجل تساوي شهادتين من النساء في الأمور المالية) وقضية (الولاية العامة ورئاسة الدولة)، وسوف نناقش في هذا المقال قضية (دية الرجل تساوي ضعف دية المرأة) .. وفي قضية الدية أيضا وكما في القضايا السابقة لا يميز الإسلام بين الرجل والمرأة على أساس الجنس؛ لأن حرمة النفس عند الله واحدة ولا فرق بين رجل أو امرأة في ذلك ولا حر أو عبد، فمن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ومن قتلها فكأنما قتل الناس جميعا، أما الدية والتعويض المادي فهذه مسألة مختلفة تماما، حيث إن الإسلام ينظر إلى هذه المسألة من ناحية الخسائر الاقتصادية، ولما كان الأصل في الإسلام هو إلزام الرجل بعبء العمل والنفقة على الأطفال والزوجة والأسرة بمجملها أدى ذلك إلى عدم حاجة المرأة للخروج إلى العمل في ذلك الزمان، وبالتالي فإن خسارة الأسرة في حال قتل الرجل ستكون أضعاف خسارتها في حال قتلت المرأة، وهذا الأمر تعرفه القوانين الوضعية الحديثة حيث إن التعويض المالي يجب أن يراعى فيه الخسائر الاقتصادية للشخص أو الورثة. فتمييز الإسلام في موضوع الدية يرتكز على أساس الخسائر الاقتصادية وليس على أساس جنس الذكر أو الأنثى، والدليل على ذلك هو أن دية العبد المملوك تقدر بقيمته وقيمة إنتاجه حتى وإن زادت على دية الحر بأضعاف مضاعفة كما عند الشافعية والمالكية. وينطبق هذا المفهوم أيضا على قضية أن عقيقة المولود الذكر ضعف عقيقة المولود الأنثى حيث إن الذكر كان هو العنصر المنتج في الأسرة في ذلك الوقت كما ذكرنا. وهنا نعود لنطرح نفس السؤال الذي طرحناه في المقالات السابقة .. هل سوف يتغير الحكم الشرعي في زماننا هذا إذا كانت المرأة المقتولة عاملة ومنتجة في الأسرة والمجتمع؛ لأنه وكما قلنا إن هذه القضية هي من قضايا المعاملات التي تنظم المجتمع والتي تطبق عليها القاعدة الفقهية التي تقول (الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما)، وذلك كما فعل عمر الفاروق رضي الله عنه عندما غير العديد من الأحكام الفقهية بسبب تغير ظروف الزمان والمكان حتى يتسنى تحقيق مقاصد الأحكام الشرعية وعللها. هذا التساؤل نطرحه مرة أخرى على علماء الأمة الكرام لدراسته، لأننا بحاجة ماسة للرد على تلك القضايا التي تركز عليها تلك المشاريع الناقدة للإسلام من خلال طرح قضايا المرأة. maanaljarba@ hotmail.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 273 مسافة ثم الرسالة.