تسكن النسمات الأولى من أوكسجين الدنيا لأمين عام مجلس الوزراء عبد الرحمن بن محمد السدحان أعالي جبال عسير، حيث أبصر النور عند هضبة قريبة من الغيم، دالفا إلى عمق الحياة بجسد غض آيل للخوف أكثر من الاستمرار، إلا أن الله أراد له حياة وأكثر، مستجيبا لدعاء الأم التي كانت تغرس أصابعها في السماء رجاء أن يبقي الله مولودها، وتكتحل عيانها بمتابعته ينمو حولها. فرح الأب محمد بنجاة ابنه الذي منذ ولادته وحتى عامه الثاني لم يستطع الأكل، واشتعل الفرح في أغصان روحه وأم عبد الرحمن. أمين عام مجلس الوزراء، نصفه جنوبي من أم عسيرية، والآخر نجدي من والده الذي رحل من نجد إلى عسير محملا من الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن برسالة إلى حليفه في ذلك الزمن عبد الوهاب أبو ملحه، واستقر بعد أن راق له مناخ التجارة وأهل الدار فاختار السكن والزواج. تقلبت حياة الطفل بين المدرسة البسيطة في أبها المطلة على ساحة البحار، وانتقال أبيه إلى جازان. وخاض في بواكير حياته رحلات مغموسة في كأس الألم والشقاء، تارة على ظهر جمل إلى جازان، وأخرى في سيارة البريد إلى الطائف التي كانت بوابة لحياة جديدة انطلقت لتشكل منعطفا جديدا في حياته. مر بمكة المكرمة، فجدة، ومنها إلى جازان، فالاستقرار مرة أخرى في عروس البحر الأحمر، وفجأة إلى زحلة اللبنانية ليقضي عاما دراسيا كاملا. انتقل الأب التاجر من قوافل الترحال إلى الاستقرار في العاصمة، وحمل العتاد والأولاد في رحلة إناخة ركاب البحث عن العيش، ومنها كانت رحلة الفتى الفطن الذي حصد التميز، حتى اختارته وزارة المعارف في ذلك العهد ليكون من طلائع المبتعثين إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية التي يصفها في كتاب سيرته الذاتية «قطرات من سحائب الذكرى» (مكتبة العبيكان 1427ه، 2006م)، بأنها ولادة جديدة في حياته. تقلب الشاب الذي عاد مؤهلا في الإدارة من جامعة جنوب كاليفورنيا بدرجتي البكالوريوس والماجستير في زمن بدايات تشكيل لبنات التنمية في البلاد في مواقع إدارية عدة، مفتخرا بتجاربه التي بدأت من مزرعة جده لأمه مزارعا وراعيا للغنم وبائعا مع زوج أمه، حتى غدا الطفل الذي كان يبني أحلامه بأحجار المرو برفقة الأغنام على التلال قائدا لأوركسترا الجهاز التنفيذي في مجلس الوزراء أمينا عاما، يرافقه تقدير من يعرفه ولقب «صاحب المعالي».