المعلم الأدبي الثقافي والكرنفال الشعري الخطابي الذي كان يقام كل عام في سوق عكاظ شمال محافظة الطائف متزامنا مع فترة الحج، تظاهرة تطوى لها القفار، خاصة أن القادم له هدف واضح وخطة محكمة تبدأ بالثقافة والأدب والشعر والفصاحة وتختتم بالحج أو التجارة، وتستغرق هذه الرحلة أشهرا معدودة. ذكر المرزوقي في كتابه الأزمنة والأمكنة «وكانت عكاظ من أعظم أسواق العرب وكانت قريش تنزلها وهوازن وغطفان وخزاعة والأحابيش، وهم عبدالله الحارث بن عبد مناة، وعضل والمصطلق وطوائف من أفناء العرب ينزلونها في النصف من ذي القعدة فلا يبرحون حتى يروا هلال ذي الحجة، ومع علمي بأن كثيرا من القبائل العربية قديما قد أسهمت شعرا أو نثرا أو نقدا أو مشاركة في هذا السوق، إلا أنني فوجئت في إحدى الأمسيات الثقافية التي استضافها الوالد أحمد بن رجب المالكي في منزله في بجيلة صيف هذا العام 1431ه فوجئت بسؤال عن مشاركة بني مالك بجيله تحديدا في سوق عكاظ ومن خلال البحث وجدت مشاركة للصحابي الجليل جرير بن عبدالله البجلي وله قصة جميلة وردت في كتاب «فرحة الأديب» لأبي محمد الأعرابي وذكرها الأستاذ حمد الجاسر في كتابه «سراة غامد وزهران»، وهي تؤكد أن بني مالك بجيله رغم نأي مكانها قديما عن عكاظ شمال الطائف وبالرغم من أن عكاظ لم يكن على طريق الحاج القادم من جهة اليمن إلا أن جرير البجلي وغيره نهبوا الصحاري وقطعوا البراري من أجل الوصول والمشاركة في هذا السوق الفكري التاريخي التجاري، وهذا الأمر يفرض علينا المشاركة حتى وإن كان الأمر ثقيلا ويتزامن مع بداية العودة للمدارس، مما يستوجب على أهل الطائف المشاركة لكون المصطافين قد رحلوا وعادوا إلى ديارهم ولم يبق سوى أهل الطائف. من هنا أجدها فرصة لشكر القائمين على هذه التظاهرة وأجدها فرصة لأهمس في آذانهم أن الدعاية لسوق عكاظ وصلت مكةوجدة وأهملت منطقة جنوبالطائف بالكامل رغم أنها تتبع إداريا لمحافظة الطائف، رغم أن الكثير من قبائل جنوبالطائف كان لهم إسهام واضح في هذا السوق. صحيح أن النخبة سمعت وقرأت بل أن هناك مشاركات لبعض القبائل إلا أنها اجتهاد من بعض النخب المتابعة للحراك الفكري، إلا أن سوق عكاظ هو أحوج ما يكون إلى الجماهيرية منه إلى المشاركين. أكرر الشكر للقائمين على هذه التظاهرة وأتمنى أن يحالفهم النجاح. سلمان سالم المالكي