سمعت وقرأت ما تتعرض له الفنانة القديرة فيروز من حجر على نشاطها في داخل لبنان وخارجه ومنعها من الغناء بسبب خلاف عائلي بينها وبين أبناء أخ زوجها على ميراث زوجها الراحل عاصي الرحباني وأخيه منصور، وسمعت وقرأت كغيري عندما وقف مجموعة كبيرة من فناني الوطن العربي من محيطه إلى خليجه في بيروت يوم الاثنين 26 يوليو 2010م تضامنا معها واستنكارا لما تتعرض له ومطالبة برفع الحظر عن نشاطها فهي لا تمثل نفسها هي ملك للجميع .. كلنا يعرف وطنيتها ومدى تمسكها بالأرض ورفضها الخروج من لبنان إبان تأجيج الحرب الأهلية طوال سنوات. هرب البعض إلى أوروبا وغيرها وبقيت صامدة صامتة إلا بحب الوطن والتغني به، فقد غنت للوطن وغنت للمشاعر، ولا ننسى تغنيها وترنمها بكلمات سعيد عقل: غنيت مكة أهلها الصيدا .... والعيد يملأ أضلعي عيدا فرحوا فلألأ تحت كل سماء بيت .... على بيت الهدى زيدا وعلى اسم رب العالمين علا بنيانهم .... كالشهب ممدودا ياقارىء القرآن صل لهم .... أهلي هناك وطيب البيدا وتغنيها بالقدس والأرض المحتلة في فلسطين، وغيرها من الأغاني العربية الراقية عكس ما وصل إلينا منذ سنوات من أغان نشاز أغان هابطة مسفة يتخللها العري والحركات الصبيانية السخيفة. فيروز تمثل الفن الراقي الأصيل فلنقف معها ولنتضامن معها من أجل المحافظة على فنها قبل أن يجرفه طوفان العري والسخف. يذكرني ما تتعرض له فيروز بما سبق أن تعرضت له المرحومة كوكب الشرق أم كلثوم فاطمة إبراهيم في آخر حياتها، فبمجرد عودتها من جولة شملت أهم العواصم العربية والأوروبية لإقامة حفلات غنائية لصالح المجهود الحربي بعد هزيمة حرب 1967م أو كما يقال عنها حرب الأيام الستة وما تعرض له الوطن العربي مصر سوريا الأردن من هزيمة عسكرية إسرائيلية ومن تواطؤ بعض العناصر مما جعل العدو يحتل الكثير من الأراضي العربية ويستولي عليها دون عناء. أقول إن أم كلثوم جاءت بالكثير من المكاسب المادية والمعنوية لصالح الوطن ورجاله المخلصين ولكن الغيرة والحسد حملت إحداهن من المتنفذات في السلطة في مصر من التضييق عليها ومنعها من الغناء مما عرضها للأمراض وسريعا ما انتقلت إلى الدار الآخرة.. وبمجرد وفاتها أمرت الجرافات بإزالة منزلها عن كامله حتى لا يتحول إلى متحف يذكر بها، وذلك بدعوى إقامة مشروع مهم على موقعه، وقبل هذه وتلك نجد الأديبة الكبيرة مي زيادة تتعرض في آخر حياتها لخلافات عائلية بسبب الميراث أيضا ويحجر عليها وتمنع من الخروج من المنزل وعندما قاومت واحتجت أدخلوها مستشفى الأمراض العقلية (العصفورية) حتى فارقت الحياة. هذه الأديبة التي ملأت أسماعنا بما تتحلى به من أخلاق وآداب ومعرفة واسعة بالأجناس الأدبية المختلفة .. فهي التي كان لها صالون أدبي مشهور تلتقي فيه بكبار الأدباء في القاهرة بعد أن أتت من بيروت وتناقلت أخبارها جميع الأوساط الثقافية العربية. لقد ذكر الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي كيف كان له شرف الحضور إلى صالونها الأدبي وكيف قدمه إليها لطفي السيد عندما اجتاز الامتحان النهائي في الجامعة المصرية وحصل على الدكتوراة كأول مصري ينال هذه الشهادة بالرغم من فقده البصر، وكيف استقبلته وهنأته وشجعته على المزيد مما دفعه للمغامرة والذهاب إلى فرنسا للحصول على عدد من شهادات الدكتوراة. أقول لفيروز لا تجزعي ولا تتألمي فلست وحدك فغيرك من ناله من العقوق وإنكار المعروف الكثير وليست أم كلثوم ومي زيادة إلا أمثلة فقط .. فلن ننسى لك وطنيتك وفنك الراقي واحتفاظك بالمواقف الإنسانية النبيلة ومحافظتك على سمعتك من أي تلوث مهما كان .. فلتبقي كما كنت ولتشنفي أسماعنا بما وهبك الله عز وجل من مزايا لا تتوافر عند غيرك، ولتنته هذه المشكلة ولتدفن إلى الأبد ولتبق فيروز لنا جميعا فالبقاء للأصلح .. وسنغني معك : حين هوت مدينة القدس تراجع الحب .... وفي قلوب الدنيا استوطنت الحرب الغضب الساطع آت، وأنا كلي إيمان الغضب الساطع آت، سأمر على الأحزان .... من كل طريق آت.. بجياد الرهبة آت لن يقفل باب مدينتنا فأنا ذاهبة لأصلي يا ليلة الإسراء يا درب من مروا إلى السماء عيوننا إليك ترحل كل يوم وإني أصلي تعانق الكنائس القديمة .... وتمسح الحزن عن المساجد [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 143 مسافة ثم الرسالة