قال الله تعالى (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور)، هذه آية قرآنية عظيمة نستذكرها في هذا اليوم الوطني العظيم في ذكراه الثمانين، حيث التأسيس وإعلان دولة التوحيد المملكة العربية السعودية، عندما أصبح الملك عبد العزيز طيب الله ثراه بحسه الديني الفطري وحرصه على العقيدة الإسلامية مصدر إلهام لشعبه، فناصروه وتحلقوا حوله وأحبوه وأدانوا له بالطاعة والتعاون والتكاتف؛ لأنهم رأوا فيه القائد الذي يقول في إحدى خطبه لهم (إن ما كان يهدف إليه من جهاد هو إحقاق الحق والعدل وإقامة شرع الله في هذه البلاد)، وهي بلاد تتشرف بإقامة شرع الله ووجود الحرمين الشريفين وخدمة قاصديهما من الحجاج والمعتمرين والزوار، فضلا عن كونها مهبط الوحي ومهد الرسالة الإسلامية ومهوى أفئدة المسلمين من كل مكان، فواصل الملك عبد العزيز رحمه الله على هذا النهج، وسار أبناؤه من بعده رحم الله من مات منهم، وأمد الله في عمر الباقين على نفس هذا النهج، حيث بعد أن مكنهم الله في الأرض حرصوا على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ولهذا ينبغي أن يكون هذا هو حديثنا في اليوم الوطني، لأن عمارة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وخدمة الحجاج والمعتمرين انعكس على شمولية كبيرة في الدعوة لدين الله، خصوصا مع ترجمة الصلوات وخطب الجمعة والعناية بمساجد الله وحفظ القرآن وطباعة المصحف الشريف، وبحمد الله جاء اليوم الذي أصبح فيه اليوم الوطني واقعا ملموسا، خصوصاً بعد أن تم إقراره عطلة رسمية للأجهزة الحكومية والقطاع الخاص، بعد أن كان احتفالية صحافية وملاحق وبرامج إعلامية دون أن يشعر به النشء ومختلف الفعاليات من أطياف المجتمع.. ويسعد الإنسان حينما يرى الشباب يعبرون عن فرحهم وسعادتهم بيوم وطنهم، وبقطع دابر أولئك الذين لديهم حساسية من مفردة وطن؛ لأنهم يدركون أثرها عندما تتغلغل في النفوس وتصل إلى القلوب، وهنا يتضح أن الشعب محب لوطنه وولاة أمره؛ لأنهم يطبقون شرع الله ولا مزايدة على الدين في المملكة، والشارع السعودي وطني ملتف حول قيادته، مما يؤكد أهمية قطع دابر تلك الألسنة التي تثير الفتنة والتشكك في توجهات الدولة بحجة الميول الإسلامية لهم، وأن الشارع إسلامي ويجب الأخذ بتوجهه، وما علموا أن الشارع أصبح معتدلا وسطيا يرفض التعصب والتطرف والتشدد الذي يقود للغلو ثم التنطع والتكفير والتفجير، يحب وطنه وولاة أمره ولا مزايدة على ولائه، فيواصلون الشتم ويؤلبون الشباب، كما حدث عندما اختطفوا بعض الشباب وجندوهم لحمل الأسلحة ضد وطنهم الجميل، وللأسف أن الدافع كما يقال ديني بينما الهدف سياسي بحت، وجاء قرار قصر الفتوى لإعطاء المؤسسة الدينية الرسمية المحترمة الصادقة مكانتها في لجم غوغائيي الإنترنت ومتخذي الدين ستارا سياسيا ينخدع فيهم بعض قليلي الخبرة، فتتاح لهم الفرصة في وسائل الإنترنت المؤثرة في أوساط الشباب لكي يتعرضوا لبرامج الدولة ومسؤوليها وأعلامها بالشتم والتجريح والتشكيك، ولذا أدعو وزارة الشؤون الإسلامية ووزيرها الداعية العالم الجليل والمفكر الشيخ صالح آل الشيخ إلى حث خطباء الجوامع على الحديث عن اليوم الوطني، واستشعار معنى التمكين، والدعاء للملك عبد العزيز طيب الله ثراه بالجنة على ما بذله من جهد انعكس على اتساع رسالة الإسلام العظيمة والعقيدة الوسطية، وحث الشباب على الالتفاف مع دولتهم وولاة أمورهم، بدلا من أن يكون المنبر عند البعض وسيلة للتشهير وإثارة الفتنة داخل الوطن، فبدلا من ذلك يسود خطاب ديني وطني يحث على الترابط والتكاتف وشكر الدولة على جهودها في نشر الإسلام ومنع أي منكر، مما دعا الكثيرين للقدوم إلى المملكة رغبة في الإقامة وتربية أولادهم في أجواء إسلامية مريحة، ومع ذلك يأتي من يثير الفتن بأساليب خبيثة ملتوية كان نتاجها هؤلاء الشباب الذين تأثروا بفكر الإرهاب، بسبب تلك الأصوات التي تقف أمام برامج الدولة ومشاريعها في التعليم والابتعاث والاقتصاد وحوار الحضارات وتعليم المرأة موقفا ظاهره نصرة الإسلام، وباطنه ولاء سياسي لأحزاب خبيثة تضع الدين شعارا لها وهدفها الوصول للسلطة.أدعو الله لبلادنا بالنصرة والتمكين والوحدة الوطنية، وأن يديم عليها أمنها واستقرارها وروحانيتها الدينية، وأن يجزي الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وأبناءه من بعده خير الجزاء على ما قاموا ويقومون به من جهد لخدمة الإسلام والمسلمين، وبانتظار منبر الجمعة وبعض مواقع الإنترنت للاحتفاء باليوم الوطني.