ولأن العيد لا يعرفها، لهذا لا يزور بيتها مرتين في العام كما يفعل مع البقية، يمكن تقديم معلومات أولية عن امرأة أربعينية تسكن هي وأسرتها في جنوبجدة، حيث الفقر والمستنقعات والبؤس والأزقة الضيقة. اسمها فاطمة «أرملة» رجل في اللحظات الأخيرة من حياته اكتشفوا أن فيروس «الإيدز» نهش جسده تماما، لهذا كان موته سريعا، فترك لفاطمة الفقر «والإيدز» وطفلة لم يزرها الفرح لهذا توقف قلبها عن العمل ورحلت لتصبح طيرا في الجنة. بيتهم جدرانه لا تحتمل أن يستند عليها أحد، هو كذلك لن يحتمل المطر مرة أخرى، وأبوابه تئن من الصدأ والحزن. فاطمة ترعى والدتها المصابة بفشل كلوي، والمريضة بالقلب والضغط والسكري، فيما والدها المسن والمقعد بسبب المفصل الصناعي بقدمه اليمنى، مصاب بالصرع أيضا، ولا أحد يرعاه سوى «فاطمة التي لا يعرف العيد بيتهم». أخوها عاطل عن العمل ومريض نفسيا، لهذا لا يستطيع تربية طفلته، فأرسلها لبيت فاطمة المكدس بالأحلام المؤجلة والفقر والحزن والمرض. فاطمة ترى أن طفلة أخيها هبة من السماء أو تعويض عن طفلتها التي رحلت لأن قلبها ضاق من الأحزان والفقر والأحلام المؤجلة، لهذا لم تسجل طفلة أخيها تحت بند مسؤوليتها، بل تحت بند أحلامها التي تحققت، وكانت الطفلة الحلم الوحيد الذي تحقق. ثمة ثلاثة مستنقعات لا بد أن تمر بجانبها قبل الوصول لبيت الأحلام المؤجلة المحشور في الأزقة الضيقة، في كل مستنقع جيوش من البعوض بالتأكيد بعضها تحمل «فيروس حمى الضنك» تتربص بالفقراء في الجنوب، ومع هذا تخرج فاطمة كل يوم بحثا عن لقمة عيشها. فاطمة شرسة مع «فيروس الإيدز»، تقاومه بقوة، ربما هي تعتقد أنه يجب عليها ألا تموت من أجل والدتها ووالدها وحلمها الصغير «طفلة أخيها»، فلا أحد سيأخذ والدتها «لغسيل الكلى» أو يقدم لها الأدوية في الأوقات المحددة، ووالدها المقعد غير قادر على الوضوء وحيدا، فيما حلمها «طفلة أخيها» ليس لها أحد سوى فاطمة. يقول الرواة: منذ أن مات زوجها الذي ورثها «الإيدز»، تحديدا منذ 7 سنوات، والعيد لا يعرف فاطمة، لهذا لم يطرق الفرح بابهم.