@ لا أعلم لماذا كنت في كل مرة ألوذ إليه.. اختاره من بين الجميع لأقف خلفه.. في كل لعبة أشجعه بتعصب دون غيره فيصاحبني القلق من الهزيمة ومن السقوط خشية عليه.. أعدو لأتدثر تحت ظله لأتذوق حلاوة الطمأنينة بقربه.. اطلب حماه من الأذى عندما يتسلط عليَّ احدهم واحدهن بالضرب ونحن صبية نلهو بين الأزقة.. - ورغم حبي الشديد للحلوى وأنانيتي للاستحواذ عليها كنت أخبئها من أجله وآثره على نفسي ليتذوق ما لذ منها وطاب وغلا ثمنه!! كنت اسرق التيل (الكرات البلورية) الصغيرة من أخي خالد وأعطيه إياه خفية كي يزداد ما عنده ويتسيد على الجميع في ساحة اللعب.. وفي يوم العيد ما إن ارتدي فستاني إلا وأطير طيراناً صوب بيتهم في تلك الزاوية البعيدة لأريه فستاني.. شعري.. وحذائي ليكون الأول.. اسمع ثناءه فأظل أزهو وازداد قناعة وجمالاً ببراءة تحلق بي دون توقف - لست وحدي فقط من حاز هذا الشعور حتى علاء نفسه كان يهرول يجتاز الأوقات فلا يعرف نهاراً وليلاً أو ظهراً أو مغرب لزيارتي واللعب معي وكالعادة لا يمنى إلا بتقريع والطرد من والدتي فاغضب!! ولأني أعشق اللون الأحمر أهداني حلقاً دائري أحمر اقتطع ثمنه من عيديته ليفاجأني به!! ولم يكتف بالحلق بل تعداه إلى شيء آخر كلما تذكرنه اضحك من العمق فقد كان يوفر ريالاً من مصروفه القليل وعندما يخرج من المدرسة يعرج على لعبة اليانصيب فيدفع ما وفره لكي يفوز بسلسلة تتدلى منها ورقة حمراء ليكتمل مع لون الحلق فابدوا أكثر أناقة.. يظل علاء يردد لي في كل يوم: سارة لن ارتاح حتى أكسبها وأعطيها لك كي تلبسينها وتكونين الأجمل.. وفي كل مرة كان يفشل ولا يحصل إلا على بلونة صغيرة!! في داخلي كنت اضحك عليه لدرجة إنني ابتعد عن المكان الذي يقف فيه نادباً حظه العاثر.. فأنا لا استطيع أن أجاهر بضحكاتي!! خشية من غضبه أو جرح مشاعره. توقفت مرات كثيرة منذ طفولتي إلى شبابي عند هذا الحرص على شعوره.. وتلك الكلمات الكبيرة عليَّ وعلى عمري الصغير.. باستغراب!! والتي جعلتني انطق بها؟؟ ولكن هو من علمني إياها بشعوره وطيبته!! حين غرس في داخلي أبجديات الحب له فقط حيث علمني كيف أحبه فتربيت منذ حداثتي على حبه فلم أر سواه حتى البالونات الصغيرة تلك كانت من نصيبي فمحاولاته في الكسب كلها باءت بالفشل ليربحها ابن الجيران كمال حزن علاء وسعدت أنا بكل هذا الاهتمام منه!! أذكر أنني قلت له إن الحلق وحده أغلى من كل سلاسل الدنيا وهي كذلك.. ما زلت احتفظ بالحلق الأحمر.. وما زلت ألوذ شكلياً بحماه بعد أن أصبحت زوجة ذلك الطفل وأم لأطفاله ولكن عندما أصبح علاء الدين.. وأصبح بمقدوره أن يشتري لي الذهب والماس دون أن يوفر!! وعندما اتسع قلبه وقاموسه لي وامتلك الفانوس.. وعندما حان وقت الحصاد عبر هذا العمر لم اعد الجأ إلى حماه ولم أعد ألوذ به فقد أصبح الآن الجلاد.. والسجان.. والمغتصب لحقوقي وبعد أن كان علاء الدين أصبح بكل عيوبه وقهره وظلمه وعنفه الأربعين حرامي فقط!! أما علاء الذي اعرفه فأصبح قصة كتبتها ذات يوم على ورقة بيضاء..