لم يمض أكثر من عشرة أشهر على حادثة سيول جدة، حتى أعاد الأهالي بناء وترميم المنازل والمصانع والأحواش التي جرفتها السيول إلى حالتها السابقة في وادي قوس، وأصبحت هذه المنازل والأحواش التي تقع على مجرى الوادي تكتظ بالسكان من المواطنين والمقيمين، إلى جانب العمالة المخالفة، والذين أعيدت لهم الكهرباء وكافة الخدمات الأخرى. «عكاظ» أجرت جولة على وادي قوس أمس، وشاهدت عددا من المواطنين والعمالة يقيمون في منازلهم الواقعة على مجرى الوادي، كما رصدت عددا من المصانع والمحلات التي عاودت نشاطها في المنطقة، وكذلك قصور أفراح واستراحات بدأت هي الأخرى تمارس العمل، وسط سكوت مراقبي الأمانة ولجنة التعديات. وأكد ل«عكاظ» عدد من المواطنين في وادي قوس، أن منازلهم تعد «أملاكا خاصة»، وأن من حقهم بحسب تعبيرهم أن يعيدوا بناءها ويسكنوا فيها، غير مبالين بمخاطر السيول التي تترصدهم، وأضافوا أن معدات ومراقبي الأمانة أو التعديات لم تعترضهم عند إعادة البناء قبل عدة أشهر، حيث أعيد التيار الكهربائي إلى منازلهم بصورة رسمية. وفي المقابل، أبدى مواطنون آخرون استغرابهم من السماح بإعادة البناء وسط مجرى الوادي والتغاضي عن هذه المخالفات من قبل الأمانة ولجان التعديات، وذكروا ل«عكاظ» أن عددا من العمالة المخالفة لأنظمة الإقامة عادوا إلى السكن والعمل في هذه المنازل والأحواش والمصانع، مطالبين المسؤولين في الأمانة بعدم السماح «بمثل هذه المخالفات والتعديات التي تعرض حياة الناس للخطر». رئيس لجنة التعديات في محافظة جدة المهندس سمير باصبرين، كشف ل«عكاظ» أن لجان التعديات لاحظت هذه المخالفات المتمثلة في إعادة بناء وترميم ما دمرته السيول في وادي قوس من قبل بعض المواطنين قبل عدة أشهر، مفيدا بأنه قد جرت مخاطبة بلدية أم السلم الفرعية بهذا الشأن، «إلا أنهم لم يستجيبوا ولم يردوا على خطاب اللجنة»، وأوضح أن اللجنة وقفت أمس على التعديات التي بدأت في التزايد يوما بعد يوم على مجرى السيول، وقال «طلبنا من الأمانة دعمنا بمساحين لتحديد المخالفات تمهيدا لإزالتها خلال اليومين القادمين». واتهم باصبرين البلدية الفرعية في أم السلم بالتقصير في مراقبة تعديات المواطنين والسماح لهم بإعادة البناء في بطون الأودية، باعتبار أن ما أعاد المواطنون ترميمه وبناءه يقع داخل النطاق العمراني وتحت إشراف البلدية الفرعية، مشيرا إلى أن لجنة التعديات تعمل خارج النطاق العمراني، ولن تسمح بإعادة ترميم أو استحداث منازل أو استراحات في مجرى السيل في وادي قوس أو الأودية الأخرى التي تصب في مدينة جدة من الشرق إلى الغرب، مؤكدا فصل التيار الكهربائي عنها، وأن لجنة التعديات «ستزيل أي إحداث أو إعادة بناء في مواقع السيول التي تضررت من سيل الأربعاء مستقبلا، حسب الأوامر العليا في هذا الشأن».