حفلة الشتائم العلنية التي صدح بها بعض متطرفي المذهب الشيعي في العشر الأواخر من رمضان وتطاولت فيها ألسنتهم على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، يمثل تعبيرا عن الأزمة المذهبية المعقدة بين السنة والشيعة التي يعبر عنها السلوك العام الافتراضي والصورة النمطية التي تستقر في ذهن كل فئة عن الفئة الأخرى، ومساسها بما يمثل أصلا لا يقبل النقاش عن المسلمين كافة. لا يوجد توصيف يمكن أن يسقط على المقطع المرئي الذي انتشر لحامل الإفك في هذا العصر وهو ينثر قبحه ومهانته وينتهك حرمة رسول الله، ويسكن إلى تاريخ مضى وانتهى نزل تبيانه من فوق سبع سماوات «إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم...»، ورغما عن شخصية الأفاك «ياسر حبيب» المستعرة بالحقد والكراهية إلا أنه كشف وجها مثاليا للتأمل في صناعة الكرة عند عامة الناس حين تمس لا مباليا أمهات المؤمنين وصحابة رسول الله وتنثر لطمياتك الشتائمية في حق أعز البشر عند فئة عريضة من المسلمين، وهي أزمة يجب أن يتصدى لها عقلاء الشيعة، كما تصدى من قبل عقلاء السنة للإساءات الواردة في حق رموزهم من قبل بعض الغلاة. جانب التصريح والإدانة الصادر من المرجعيات الشيعية تجاه الإساءة يمثل «الحد الأدنى» من التحرك المطلوب، وإن كان المجمع العالمي لأهل البيت برموزه ومفكريه أعلن براءته من ذلك الهتك والمساس بعرض رسول الله، إلا أن صوت العقلاء إن لم يصاحبه فعل ملموس ذو وقع مستمر سيذهب أدراج الرياح ولن يصنف إلا في خانة التحرك الديبلوماسي، مقابل التأكيد على الصورة النمطية المزروعة في عموم السنة عن الشيعة وتطاولهم على أمهات المؤمنين وخلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أمر سيعيد جهود الحوار والنقاش إلى نقطة الصفر.. ومن أصعب مسارات التغيير أن تحاول هدم صورة نمطية استقرت عند الطرف الآخر عنك، فكيف إن كان هناك من يؤججها باستمرار. إن المؤمل من عقلاء الشيعة بعد ذلك المقطع المستفز أن يمارسوا تصحيحهم مع كل فرصة سانحة، والتأكيد على أن التوجهات العصبية المتطرفة مسألة لا يخلو منها أي مذهب ودين، وأن تحاصر عقول التحريض وصناع الكراهية برفع نموذج التسامح بشكل علني، وأن يكون «الوضوح» هو السمة المتأصلة في مشاريع التقريب، وإلا فإن صوت التطرف هو المنتصر؛ لأنه بسهولة يعتمد على ردود الأفعال، وعندها لا يمكن التنبؤ بما يطرأ ويتسع الرقع على الراقع!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة