يسابق أحمد عبد الرحمن، وفي كل عام، الزمن ليلة العيد للوصول إلى منطقة البلد في جدة، وحين يصل يصطف في طابور طويل أمام محل لبيع الحلويات، وربما يطول به الانتظار وقد يأخذ منه هذا المشوار الليلة بطولها، وكل ذلك من أجل الحصول على كيلو أو اثنين من حلوى الدبيازة لإفطار العيد. والدبيازة، تلك الوجبة الشعبية المصنوعة من مربى المشمش تصنف عند أهالي جدة ومكة والطائف سيدة مائدة العيد وموروثا شعبيا لا يجب التنازل عنه في مثل هذا الوقت، وسط المد الهائل من الحلويات بأنواعها ونكهاتها. وتحرص بعض ربات البيوت على إعداد هذه الوجبة في المنزل خلال الأيام الأخيرة من رمضان، وتختلف طريقة إعدادها من سيدة إلى أخرى، لكن مقاديرها لا تخلو من وجود قمر الدين والزبيب واللوز والفستق، وهناك فتيات يجتهدن لتحضير هذا الطبق وحتى لا يندثر مع الزمن. وتؤكد منال بامحفوظ (15 عاما) أنها اعتادت منذ الصغر أن ترافق والدها إلى السوق لشراء لوازم الدبيازة، وتراقب والدتها حين تنهمك في تحضير الوجبة، تقول «نحن جيل اليوم صورة صغيرة لما كان عليه زمن والدينا، لذلك سأحرص على صنع الدبيازة في كل عيد وسأعلمها للأجيال القادمة». وترى عبلة ماجد (20 عاما) أن اتهام بنات هذا الجيل بأنهن كسولات ويركضن خلف وجبات السوق الجاهزة اتهام باطل، وحتى نثبت عكس ذلك، سنظل نتمسك بموروثنا الاجتماعي من خلال إعداد الوجبات الشعبية مهما مرت بنا التحولات، وتضيف، «رغم كل جبال الشوكولاتة والحلويات التي تغص بها الأسواق، ما زلنا نفضل الدبيازة ونتفنن في تحضيرها».