على الرغم من التطور الذي طرأ على جميع مظاهر الحياة في جدة، إلا أن هناك بعض الموروثات لا تزال مرتبطة ارتباطا وثيقا بحياة الجداويين، ومنها مظاهر الاحتفال بالعيد، خاصة الأكلات التي تقدم في أول أيام العيد، حيث تحرص الجداويات على وجود الحلاوة الطحينية، واللبنة، والحليب في وجبة إفطار أول أيام العيد، تفاؤلا باللون الأبيض، واعتقادا بأن ذلك سيجعل جميع أيام السنة المقبلة بيضاء. أما وجبة الغداء فتحرص النساء على اشتمالها على طبق الملوخية الخضراء، اعتقادا منهن بأنها فأل خير بأن تكتسي أيام السنة باللون الأخضر رمز النماء والازدهار. ويرى مشرف المنطقة التاريخية بجدة والمؤرخ عدنان الشريف أن بعض عادات أهل جدة تغيرت عن سابق عهدها، مع بقاء البعض منها، مشيرا إلى أن نساء جدة في الماضي كن يتفنن في العشر الأواخر من رمضان في صنع الأطعمة والحلويات الخاصة بالعيد، حيث تبرز بعض المأكولات الجميلة كالكعك والمعمول بالملبن والمشبك، والدبيازة. وأوضح أن سكان جدة كانوا يتناولون صباح أول أيام العيد الحلاوة الطحينية والجبنة والزيتون والشاي بالحليب تيمنا بالخير، لافتا إلى أن حلوى الدبيازة لا تزال الوجبة المفضلة في عيد الفطر لكثير من أهل الحجاز، حيث يحرص الجميع على تناولها بعد العودة من صلاة العيد. وأشار الشريف إلى أن الدبيازة عبارة عن مجموعة من المكسرات التي تتألف من قمر الدين، والزبيب، والبندق، واللوز، والمشمش الجاف، وعين الجمل، مشيرا إلى أن ربات البيوت يقمن بتجهيزها بالمنازل. وذكر أن العائلة كانت تجتمع معا في وقت الغداء، مشيرا إلى أن المعمول "الكعك"، الذي عرف قديما ب"الكماج "ويصنع من الدقيق والسمن والتمر واللوز والسكر يعد من أفضل الحلويات التي كانت تقدم للزوار والمعايدين، لافتا إلى أن الجدات والأمهات كن يحرصن كثيرا على شراء لوازم المعمول قبل انتهاء شهر رمضان بأيام، مضيفا: "أما الآن أصبح يصنع في المحال المنتشرة بالأسواق". ويؤكد الشريف أن وجبات عيد الفطر كانت تعتبر من الأساسيات التي تحرص النساء على الإعداد لها أواخر شهر رمضان، موضحا أن وجبة الغداء كانت تحتوي على أصناف مختلفة كالملوخية الخضراء أو الجافة، والمندي، والمظبي، واللحم السليق مع الأرز والسلات، مؤكدا أن بعض البيوت الجداوية لا تزال تشتهر بتقديمها لتلك الأصناف. وأفاد بأن ما يميز العيد سابقا هو تبادل الوجبات، ودعوة الجار لجاره لتناول طعام الإفطار أو الغداء، متمنيا عودة الزمن الجميل مرة أخرى ليكون الجار صديقا لجاره حتى في وجبة الطعام.