غازي.. يا صاحب القلم الجبار ودرر الأشعار، وحسن الاستنارة في علم الإدارة وبداعية الروايات، والوزير ذي الوزارات والسفير ذي السفارات.. فقد اجتمعت فيك مكارم الأخلاق نبلا وشهامة ووطنية فاقت بوصفها وصفاتها محاسن جمال الإنسان المثالي.. فأضحت سجاياك مثالية حاملة الرمز الفريد المنفرد البعيد كل البعد كمسؤول عن الكيل بمكيالين، تصدع بالحق ولا تخشى لومة لائم، هذا وأنت الوزير والسفير غير الآبه بكرسي الوزارة أو السفارة فكنت تطرب للنقد وتعمل على إصلاح ما جاء به النقد، كيف لا وأنت المسؤول الإصلاحي الذي أصلح الكثير من الأمور في وزاراته وسفاراته، وتصالحت وأحببت الجميع فيما هو في الصالح العام!!. أما ماهو في الشأن الثقافي، فماذا باستطاعتي أن أقوله عن شاعر يقتفي أثر المتنبي، أو بمثابة رجال التنوير والفكر، أمثال ابن رشد، وطه حسين وسلامة موسى وغيرهم. إنك مزيج من هذا وذاك.. لقد جاب قلمك فضاءات ثقافية مستنيرة فتحت كوى ونوافذ مشرعة في حرية الكلمة في محاربة الجهل والانغلاق، فكان نعم «القلم» الذي اكتسبنا منه حسن القول والعمل المنبثق من الجهد والاجتهاد من أجل الوطن بل من أجل المجتمع عامة، فندرك أيها الراحل أنك أجهدت قلمك في برائه فكان بدنك مبراته، ولعل المفكر الكبير ميخائيل نعيمة، صادق القول حينما قال: (بريت قلمي حتى براني) فما أرى هذا المثل إلا ينطبق عليك، وقد كان قلمك موازيا لألمك، ومابين القلم والألم كانت حياتك حافة بالعطاء كمسؤول ومثقف مستنير، فرغم ظرفك الصحي كان القلم لا يفارق أناملك ولم يسقط إلا وقد تمكن منك ألمك، ورغم ذلك كتبت قصيدة بمثابة تلويحة وداع أيها الشجاع، ويعتصرني الألم حيث أورد شيئا منها: أغالب الليل الحزين الطويل أغالب الداء المقيم الوبيل أغالب الآلام مهما طغت بحسبي الله ونعم الوكيل ويا بلادا نذر العمر زهرته لعزها! دامت! إني حان إبحاري إن سألوك فقولي: لم أبع قلمي ولم أدنس بسوق الزيف أفكاري وإن مضيت فقولي لم يكن بطلا وكان طفلي ومحبوبي وقيثاري!! رحمك الله يا نبراس العلم والعمل وجعل الجنة مأواك ومثواك. وعزائي لأبنائك وحرمك، ومحبيك، بل عزائي فيك للوطن.. ممثلا في حكومتنا الرشيدة التي كرمتك في حياتك وتابعت حالتك لحين مماتك، فنلت الوفاء والثناء فكنت «الاستثناء» في ندوات وكتاب صدر عن صحيفة «الجزيرة» التي كنت موضع اهتمامها منذ الزمن «الصعب» في مسيرة حياتك في نشاطك العملي والثقافي، حتى رحلتك العلاجية، فكان المصاب الجلل يوم غادرت دنيانا الفانية، فلا راد لقضائه.. حقا إنك «الاستثناء» !!. «إنا لله وإنا إليه راجعون». للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 263 مسافة ثم الرسالة