إذا جرت الأمور وفق الترتيب المعتاد فسوف تعقد ثاني انتخابات بلدية في أوائل العام المقبل. وكان من المفترض أن تعقد قبل عام ونصف، لكنها تأخرت من أجل تعديل القوانين الناظمة لعمل المجالس البلدية والانتخاب كما قيل في وقتها. وخلال الأشهر الماضية عرضت وزارة الشؤون البلدية والقروية مشروع قانون جديد وناقشه أعضاء المجالس القائمة. لكن لم يصدر تصريح رسمي يوضح التعديلات التي أجريت فعلا على القانون القديم، كما لم يعلن عن الوقت الذي سيصدر فيه القانون الجديد. على أية حال فإن الأشهر الباقية حتى أوائل العام الجديد ليست طويلة بما يكفي لإعداد الأجواء لانتخابات ناجحة. وأعتقد أن على وزارة البلديات أن تعلن رأيها في الملاحظات التي قيلت على هامش الانتخابات السابقة أو بعدها، وكذلك في المقترحات التي قدمت خلال اجتماعات أعضاء المجالس البلدية مع قادة الوزارة. من بين النقاط التي شهدت نقاشا واسعا أود الإشارة إلى أربع أساسية : 1 زيادة عدد أعضاء المجالس : في التجربة الحالية اعتمدت معادلة تربط بين التصنيف الإداري للمحافظة وعدد أعضاء مجلسها البلدي. وحصل معظم المحافظات على مجلس من عشرة أعضاء. وأظن أنه من الأفضل اعتماد معادلة تربط بين الكثافة السكانية والناتج المحلي الإجمالي وبين عدد الأعضاء. التمثيل الواسع للأهالي سوف ينعكس إيجابيا على العلاقة بين البلدية والمواطنين، كما سيفتح آفاقا جديدة لتعاون الجمهور مع القطاعات الخدمية الرسمية. 2 مشاركة النساء : استثنيت النساء من الترشيح والانتخاب لأسباب معروفة . وقد حان الوقت لفتح هذا الباب المغلق. إذا كنا نتحدث عن المجلس البلدي كقناة لمشاركة الجمهور فلا معنى لاستبعاد نصف المواطنين من هذه العملية. وقد شهدت السنوات الخمس الأخيرة صعود عدد من النساء السعوديات إلى مراكز قيادية، ولا أظن أن أحدا يشكو من فشلهن. لا نتحدث عن هذا الموضوع من زاوية الحرص على التنويع، بل لأن المشاركة في الشأن العام حق لجميع المواطنين نساء ورجالا. هذه ناحية، والناحية الأخرى أن مشاركة النساء تنطوي على حلول لمشكلات عميقة في نظامنا الاجتماعي لا تتعلق مباشرة بالخدمات البلدية، لكنها سوف تجد طريقا للحل إذا أصلحنا معادلات العلاقات الاجتماعية، ولا شك أن انتخابات المجالس البلدية هي أحد الأبواب المتوفرة فعليا للمعالجة من هذا النوع. 3 انتخاب الجميع : في التجربة الحالية تشكلت المجالس البلدية من نصف منتخب ونصف معين. ونتفهم الدواعي التي أملت هذا الترتيب في وقته. ونتذكر أيضا أن هذا الترتيب وصف يومذاك بأنه مؤقت أو انتقالي. وقد حان الوقت للوفاء بوعد الانتخاب الكامل لأعضاء المجلس البلدي. الأعضاء المعينون لم يكونوا سيئين، لكن الواضح أن الذين فازوا في الانتخابات كانوا جميعا أكفاء وحريصين على إنجاح التجربة ، وأن التخوفات التي بررت التعيين لم تكن في محلها. ولهذا أدعو للاقتصار في الانتخابات القادمة على الانتخاب. وتدلنا التجربة الحالية على أن المجتمع سيرسل أشخاصا أكفاء ومخلصين إلى المجلس. 4 إصلاح العلاقة بين المجلس والبلدية : يظهر من التجربة الحالية أن الموظفين التنفيذيين في البلديات لا يستوعبون أو لا يريدون استيعاب فكرة المجلس البلدي. ربما لأنهم لا يريدون حسيبا أو رقيبا على عملهم، أو شريكا في قراراتهم، أو لأسباب أخرى. ويبدو أن معظم المجالس قد واجهت أشكالا من هذا النوع. ويبدو لي أن عدم وضوح الإطار القانوني للصلاحيات التي جرى نقلها من رؤساء البلديات إلى المجالس هي السبب وراء ذلك التجاذب. لدينا الآن فرصة مناسبة للتأكيد على دور المجلس باعتباره ممثلا للمجتمع، وتدريب رؤساء البلديات على تقبل التغيير باعتباره تحولا قانونيا يخضع له الجميع وليس مسألة شخصية. أتمنى أن نشهد نشاطا إعلاميا مناسبا لوزارة الشؤون البلدية في الأسابيع القادمة، ثمة الكثير مما يود الناس أن يسمعوه. الانتخابات السابقة كانت مهرجانا وطنيا مثيرا للاهتمام رغم كل ما شهدته من نواقص. ومن هذه الناحية على الأقل فهناك من يطالب الوزارة بكسر حجاب الصمت والحديث إلى الناس. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 109 مسافة ثم الرسالة