يعتبر الفن المعبر الأصدق والعفوي عن معاناة الشعوب، وغالبا ما يخلد الفن في ذاكرة الشعوب ليكرس ثقافة اجتماعية محكية، وتعد معاناة الفلسطينيين أكثر القضايا التي شغلت الأوساط الفنية نظرا للبعد التاريخي، فضلا عن حجم هذه المعاناة، التي طالت كل مناحي الحياة. وفي هذا الإطار تجولت كاميرا المخرج التونسي إلياس بكار في الخليل والضفة الغربية لترصد وقائع مؤلمة يفيق وينام عليها الفلسطينيون كل يوم. وفيلم «حائط مبكى» للمخرج إلياس بكار الذي قدم في عرض خاص للصحافيين في تونس سعى إلى نقل جانب من معاناة أطفال وشيوخ وشبان فلسطين جراء الجدار العازل. فقد عرض المخرج كيف أن الجدار العازل الذي حاصر الفلسطينيين من الداخل والخارج تسلل إلى داخل الأطفال وتحول إلى حصار أذهان ونفوس ما جعل المستقبل يبدو مظلما بلا أفق. بكار قال إنه حاول أن يكشف للمشاهد في هذا الفيلم الطرق المختلفة التي يلجأ إليها الفلسطينيون للتعايش مع الجدار وأن يدرك التبعات اليومية لهذه الحقيقة المفروضة عليهم. وأضاف أنه لم يكن محايدا في عمله بل كان منحازا للفلسطينيين حين ركز على نقل مشاهد من جانب واحد هو الجانب الفلسطيني. الفيلم نقل إحساس سكان الضفة الغربية وبين بشكل موجع أحيانا القهر الذي احتل نفوسهم وسمم قلوبهم وأطفأ براءة أطفالهم. وتبرز في الفيلم شهادة مؤثرة لطفلة فلسطينية كانت تقرأ قصيدة كتبتها عن أرضها وأهلها ومعاناتها وعبرت خلالها عن آلام وتحدي كل طفل فلسطيني في مواجهة رصاص الجيش الإسرائيلي. رغم هذه القتامة التي طغت فإن المخرج حاول أن يضفي جانبا مشرقا في الفيلم حين نقل صورا أخرى للتعايش مع الجدار حيث جعل منه البعض متحفا فنيا يعكس رغباته وأحلامه وآماله. إلياس بكار قال إنه واجه صعوبات كبيرة لتصوير الفيلم حتى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية صادرت الشرائط التي صورها.