احتفظ شهر رمضان في فلسطين على مر العصور واختلافها، وظهور التكنولوجيا بالمظاهر والعادات القديمة التي تستمر بتعليمها للأبناء، فنجد أن الأسرة الفلسطينية تبدأ الاحتفال بالشهر الكريم قبل بدئه بمجرد رؤية هلاله من خلال الابتهالات والدعاء، ونجد الفلسطينيين يتجهون جميعا للمساجد لأداء الصلوات الخمس وصلاة التراويح، ويحرص الآباء على اصطحاب أبنائهم معهم، ويعتبر شهر رمضان أحد الأشهر التي يحرص الأهل والأقارب والخلان على الاجتماع حول مائدة الإفطار، تأكيدا على الترابط والمودة. على الرغم من الحصار الشديد الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلية، والتي تمنع الكثير من المصلين من الوصول لباحات المسجد الأقصى، وتستوقف الكثير منهم عند نقاط التفتيش التي تنتشر بكافة الأراضي الفلسطينية. المائدة الفلسطينية ويتميز الشعب الفلسطيني عن غيره من الشعوب بأصناف معينة من الطعام والشراب في شهر رمضان، وتكاد تتسم كل منطقة بنوع معين من بين الأكلات، فنجد المقلوبة والسماقية والمفتول والقدرة في موائد أهل غزة، والمسخن والمنسف نجدها لدى أهالي الضفة الغربية، ولا تخلو كافة تلك المأكولات من المتبلات والمخللات بأنواعها والسلطات المختلفة التي تفتح الشهية بعد الصوم. وتعتبر عادة تبادل الإفطار من الأمور التي تداوم عليها الأسرة الفلسطينية في رمضان، وتتفنن ربات البيوت في إعداد الأكلات والتباهي بأشهاها، مع التمور بمختلف أنواعها. ولا تخلو تلك الموائد من العصائر المختلفة الأشكال والألوان كشراب الخروب الذي يباع في الساحات العامة والأسواق، وشرب عرق السوس، وقمر الدين، والكركديه، ومعها الحلويات والفطائر بأنواعها كالقطايف. سوق القطانين ويحرص المواطنون على العادات الرمضانية المقدسية المحببة ومنها إعمار المسجد، وأداء الصلوات الخمس، والتراويح، حيث تكتظ المساجد بإعداد كبيرة منهم، ويشهد سوق القطانين المجاور للمسجد الأقصى أمسيات رمضانية يومية بعد انتهاء صلاة التراويح، إضافة للخطب والحلقات الدراسية والدينية، والتي يسارع إليها الشباب بغية استغلال الشهر الكريم. ومن العادات المعهودة التي نجدها لدى أهالي الخليل، المحافظة على صلة الأرحام، فترى الآباء والإخوان يقيمون الولائم لعائلاتهم، كما أن كثيرا من الأغنياء يقيمون ولائم على نفقتهم الخاصة في كثير من الجمعيات الخيرية، والمساجد. عادات متوارثة ويشير الباحث والمتخصص في شؤون القدس الدكتور سمير سعيد إلى أن أيام رمضان دائما ما تحفل في الأراضي الفلسطينية بأجواء روحانية يسودها الألفة والحب والعطاء بين أفراد المجتمع الفلسطيني، الذين يسعون للالتقاء بالأقارب والأصدقاء خلال الشهر الكريم. ويضيف: «نلاحظ التفاف الأسرة الفلسطينية مع بعضها البعض من قبل ساعات الإفطار، وثم الجلوس عليها، والذهاب لصلاة التراويح والجلوس مع الأهل لتبادل الأحاديث، والقيام لصلاة التهجد، ثم العودة لتناول السحور وبعدها يختم يوم الصيام بتناول كأس من الشاي». وتختلف العادات والتقاليد ما بين الأسرة الفلسطينية على حسب التقسيم الجغرافي، فنجد أن لكل منطقة عادات وتقاليد خاصة بها، حيث يؤكد ذلك الدكتور سمير بقوله: «كل منطقة من المناطق الفلسطينية لها عادات وتقاليد تتفرد بها عن بقية المناطق وتأخذ بعضا من العادات والتقاليد لبعض الدول المجاورة لها، كغزة حيث نجد أنها تأخذ بعض العادات التي اشتهرت بها مصر، من المسحراتي إلى بعض الأكلات الشعبية التي ما زالت متواثرة عبر الأجيال».