في إحدى حلقات الأسبوع الماضي، من مسلسله الرمضاني اليومي، تصانيف، والذي يتعرض إلى سلبيات كثيرة في المجتمع العربي، ومحاولة علاجها، تطرق الأخ الفنان غانم السليطي، إلى مسألة كتابة الروايات، أو الإبداع عموما، مقارنا إياها بمسألة إعداد كتب الطبخ، وما يحدث عند طرح الإبداع والطبخ، في السوق أو معارض الكتب، وكيف يستقبل الناس ذلك ؟. هذه المسألة ليست جديدة بلا شك، وقد تحدثنا كثيرا، سواء عن طريق الكتابة، أو في المؤتمرات التي نشارك فيها، هنا وهناك، عن خطورة ضعف الثقافة، واهتزاز شخصيتها، وتخليها عن الكثير من حقوقها، والانسحاب من أي معترك. ولدرجة أن الكتب الإبداعية في الشعر والقصة والفنون، ما عادت تستطيع الصمود، في وجه كتب الطبخ، والتنجيم عن طريق الأبراج، وحتى كتب التسالي والكلمات المتقاطعة، وتقام معارض الكتب في كل عام، وفي بلدان كثيرة، وتأتي الإحصائيات عن البيع في تلك المعارض، لنفاجأ، بأن الكتب الإبداعية، دائما في المؤخرة، وما يمكن أن يجنيه طباخ، من كتاب واحد، متوسط الحجم، يفوق أضعاف ما تجنيه كتب الروائيين كلهم. لقد عرضت حلقة تصانيف المشكلة، لكنها لم تطرح أسبابها، ولا أظنها كانت معنية بالأسباب، كاتب الرواية المتعلم، في مواجهة ابن عمه الطباخ الذي ألف كتابا عن الوجبات الشعبية في الخليج، يخسر كاتب الرواية، لأن لا أحدا اشترى كتابه، بينما يغتني الطباخ من انتشار كتابه، وتنتهي الحلقة بأن يعمل كاتب الرواية مساعدا للطباخ، حتى يسدد ديونه التي كانت بسبب نشره لروايتيه الخاسرتين. الأمر إذن مظلم، والقراءة الجادة في خطر، والعقل العربي كله في طريقه إلى الجهل القديم، ما لم نجد حلولا جذرية لمسألة الابتعاد عن القراءة، ولم يقل أحد أن الإنترنت والتلفزيون، وغيرهما من وسائل الترفيه الحديثة، قد سحبت القراء من كتبهم، وسخرتهم في متابعتها، الأمر ليس كذلك، والغرب الذي ابتكر تلك التكنولوجيا الرقمية المربكة، ما زال يقرأ بنفس عنفه القديم، ونفس حيويته القديمة، ولم يعطله شيء عن القراءة، وجميعنا يلاحظ في أوروبا، أو أمريكا، انشغال الناس بالقراءة، أثناء انتظارهم في أي مكان يحدث فيه انتظار، مثل بهو فندق، أو عيادة طبيب، أو حتى موقف عام للحافلات. ما أراه هو عودة الاهتمام بتعليم الطفل أبجديات الثقافة، جنبا إلى جنب مع تعليمه القراءة والكتابة، عودة المكتبات المدرسية التي توفر الكتب لتلاميذ كل المراحل، وعودة حصص المطالعة اليومية التي كان الطالب يجبر فيها على القراءة والنقاش، وبالتالي يمكن أن نعيد للثقافة، جزءا من هيبتها المفقودة. للتواصل أرسل رسالة نصية SMS إلى الرقم 88548 الاتصالات أو 626250 موبايلي أو 727701 زين تبدأ بالرمز 104 مسافة ثم الرسالة