تذكرني عودة النيجيري الثمانيني (تشينوا تشيبي) إلى الظهور إعلاميا مرة أخرى في كتاب جديد عبارة عن مقالات كتبها أخيرا وهو على مقعد متحرك، وتحكي أجزاء كبيرة من سيرة حياته واشتغاله بالكتابة، تذكرني ولعلها تذكر قراء آخرين يعرفونه، بروايته القديمة (الأشياء تتداعى) التي صدرت منذ أكثر من نصف قرن، وبيع منها ملايين النسخ، وما زالت تطبع وتوزع حتى اليوم باعتبارها شهادة حية عن زمن الاستعمار في أفريقيا، ورغم أن تشيبي كتب بعد هذه الرواية، أعمالا أخرى تطور فيها أسلوبه ونظرته للحياة، إلا أن تعليبه في أشيائه المتداعية لم ينته، وظل مستمرا إلى اليوم. هذا التعليب وإن كان يضر بالكاتب معنويا، بوصفه أنجز نصا واحدا جديرا بالتقصي، بينما باقي إنجازه مهمل ولا يلفت النظر، إلا أنه يدل على حظ ما، ليس حظ الكاتب بالتأكيد، ولكن حظ الكتاب الذي قرئ ملايين المرات. لقد قرأت (الأشياء تتداعى) في الثمانينيات من القرن الماضي منساقا وراء شهرتها، ولم أجد فيها شيئا خارقا، وكذا قرأت أعمالا أخرى لكتاب آخرين تمت عملية تعليبهم فيها، وما وجدتها تفوق نصوصا أخرى كتبوها بعد ذلك، ودائما ما أستدل برواية (بندر شاه) للراحل الطيب صالح، وأنها تأسر القراءة أكثر من محظوظته (موسم الهجرة إلى الشمال)، لكن رأيي لا يتعد عن رأي قارئ عادي لا يخرج عن حدود قراءته، وأثناء تجوالي في المكتبات ومعارض الكتب، دائما ما أجد قراء يسألون عن أعمال معينة لكتاب معينين، بينما توجد أمام أعينهم كتب لأولئك الكتاب أنفسهم، ولا يعيرونها التفاتا. من ناحية أخرى، نجد روائيين انتشروا بسرعة من عمل أو عملين فقط، وروائيين آخرين كتبوا أكثر من عشرين عملا ولم يسطعوا نجوما، لا بسبب عدم جدارتهم أو قلة تمكنهم، لكن لأن حظهم هكذا، ألا يسطعوا أبدا، وأتذكر الإسباني (كارل رويس زافون) الذي يجوب العالم ويعرف اللغات كلها، ويوضع على لوائح الكتاب الأكثر رواجا في العالم بروايتين فقط هما (ظل الريح)، و(لعبة الملائكة)، ويوجد في إسبانيا مئات الروائيين الذين كتبوا عشرات الروايات، ولم تتعد شهرتهم إسبانيا قط. وإذا نظرنا إلى لائحة البوكر العربية الأخيرة، التي أثارت جدلا واسعا في أوساط الكتاب والقراء أيضا، نرى كتبا عدة تضمنتها اللائحة، ليست بالمستوى المطلوب، بينما أخرى استبعدت، كانت بديعة ويمكن أن تشكل نصرا حقيقيا للأدب العربي الذي رصدت له جائزة، إنه حظ تلك الكتب ولا شيء آخر. للتواصل أرسل رسالة نصية SMS إلى الرقم 88548 الاتصالات أو 626250 موبايلي أو 727701 زين تبدأ بالرمز 104 مسافة ثم الرسالة