مع إطلالة شهر رمضان تراجع مؤشر السعودة بشكل ملحوظ في حلقة خضار الكعكية في مكةالمكرمة؛ لأسباب يرجعها أصحاب البسطات إلى السعوديين أنفسهم من خلال عدم مقدرتهم على تحمل العمل طويلا، ويقابله مردود مادي ضعيف، ما سمح للعمالة الوافدة بأن تضع يدها على السوق، والسيطرة عليها والتفافها على لجان السعودة عن طريق الهروب أثناء الجولات التفتيشية التي تنفذها كل من الأمانة ولجنة السعودة، والعودة مجددا بعد دقائق من انتهائها. وكشفت جولة «عكاظ» الميدانية على حلقة خضار الكعكية، حجم العمالة الوافدة التي سيطرت وبشكل كامل على السوق. الشاب عطيوي الجحدلي وجدناه منهمكا في ترتيب بضاعته في بسطة يعمل فيها كبائع، عندما سألناه عن السعودة في الحلقة أجابنا «لا نرى سعوديين في حلقة خضار الكعكية التي لا تتجاوز السعودة فيها 1 في المائة»، ويرجع ذلك إلى قلة جولات الأمانة على السوق وإن نفذتها تكون سريعة وبشكل غير منتظم لتدوين المعلومات، أما العمال فيطلقون أقدامهم للريح لكيلا يتم القبض عليهم خصوصاً وأنهم غير نظاميين حتى لا يتعرضوا للمساءلة. وأضاف الجحدلي «لي في هذه المهنة قرابة 12 عاماً عانيت خلالها من العمالة الأجنبية التي تتحد كأصابع في يد واحدة، وذلك في سبيل قطع الطريق على المواطن من خلال البيع والشراء أثناء إطلاق المزاد في صبيحة كل يوم، حيث تعمد العمالة الوافدة إلى المزايدة على عرضنا في كل بيعة ندخل فيها، فمثلا بضاعة بالجملة يشترونها مقابل زيادة ريال واحد على كل قطعة. من جهته، قال مسعود الشريف الذي تربع على حلقة الخضار؛ وذلك لخبرته التي امتدت 40 عاما : «إن السعودة في الحلقة أصبحت قليلة جدا وليست كالسابق؛ وذلك لأن العامل السعودي ليست لديه الخبرة ليتحمل المسؤولية، فتجده يدخل السوق ويعمل فيه شهرين على الأكثر ومن ثم يسحب نفسه، وذلك لطبيعة العمل الشاقة جدا خصوصا وأن عمله يبدأ من 5 صباحا وحتى 10 ليلا عوضا عن عدم الرغبة الجادة في تنزيل البضاعة وتنقيتها ومن ثم ترتيبها كما يجب. وأضاف «أن العامل السعودي لا يأخذ حقه كاملا في ظل الرواتب التي يتلقاها نظير عمله المجهد، وهناك معادلة غير عادلة بمعنى أن الجهد الكبير الذي يبذله الشاب السعودي في عمله يقابله مردود مالي ضعيف لا يفي بطموحاته، وهذا عامل آخر جعل الشاب السعودي يبتعد عن السوق. من جهته، قال حمدي يونس مدير لجان السعودة في مكتب العمل في مكةالمكرمة: «إن دورنا يتمثل في الجولات الميدانية وتتبع إجراءات البسطات، وعملية القبض مسندة للجهات الأمنية»، مبيناً «أن غياب تكاتف الجهات ذات العلاقة ساهم في تراجع السعودة في حلقة الخضار، والتي أصبحت الوافدة هي المهيمنة عليها»، وأشار «إلى أنه من الصعب القبض على الوافد وذلك لفراره من عملية القبض كونه يراقب تحركات اللجنة». وبين يونس «أن هناك عددا من الأمور التي جعلت من الشاب لا يفكر في العمل في حلقة الخضار والتي من أهمها تدني الأجور، وعدم تحمل المسؤولية، في حين لا يلجأ إليها إلا من كان أميا أو من القرى الذين لم يكملوا تعليمهم».