تسلمت إمارة منطقة المدينةالمنورة دراسة ميدانية عن سفر الإفطار في المسجد النبوي والساحات المحيطة به، تناولت المشكلات الدينية، الاقتصادية، والاجتماعية التي تتسبب فيها بعض مظاهر هذه السفر، وطرق المعالجة، والتي أعدها القائد المفوض في الكشافة العربية، الباحث محمد سلامة الجهني، بعد 20 يوما لازم فيها سفر الإفطار في الحرم العام الماضي. وركز الباحث كثيرا على الملامح الاجتماعية التي تصحب سفر الإفطار، كطلب الشهرة، واحتكار المواقع، واعتبارها عرفا لدى بعضهم أكثر من كونها عملا تحث عليه قيم الدين، ما يدل عليه عنوان دراسته «سفر رمضان في الحرم النبوي الشريف.. بين الهيمنة وفعل الخير». وعزا الجهني أهمية الدراسة إلى عدم وجود نظام أو آلية تنظيمية لدى وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي في هذا الخصوص، واستند على إفادات رسمية حصل عليها من مدير إدارة خدمات الأبواب في الحرم راشد المغذوي، ومدير إدارة الساحات والمواقف عبد العزيز الردادي، في وقت تتفاقم فيه مشكلة السفر عاما بعد عام. واستطرد الباحث في شواهد على احتكار المواقع داخل المسجد النبوي على بعض الأسر والعوائل وأقارب العاملين في شؤون المسجد النبوي، الأمر الذي يحول دون تعميم الأعمال الخيرية، ويصبح إقامة سفرة لأي شخص غير وارث للمكان أمر مستحيل. واستشهد في البداية بالعلامات التي تبرز بجلاء قبل رمضان بيوم أو يومين، في وضع ملصقات على الأرضية الرخامية للحرم، وتحت المفارش، باسم صاحب السفرة، على أن «فرد السفر في هذا الموقع ممنوع، وأصبح ملك لصاحب الملصق». ودعم موقف الدراسة بأمثلة على احتكار مواقع لأشخاص وعوائل منذ ما يزيد على عشرة أعوام، بل تجاوزه إلى توارث هذا المكان من عهد أجداده المتوفين، بجانب حجز بعضهم لأكثر من موقع دون القيام به، بل يوكلون أمره إلى عمالة وافدة. وألحق هذا الجانب بالحالة التي يبدو عليها المسجد النبوي بعد عصر اليوم الأول من رمضان، بين المناوشات وتعالي الأصوات والصرخات، والتلاسن والصخب، وسحب السفر عنوة، وإبعادها من الموقع. وعرج محمد الجهني على الأسباب التي تقف وراء أزمة سفر الإفطار في الحرم، بأنه تدور حول نقص الوعي الديني، وضعف الرقابة لدى المراقبين العاملين في الممرات والساحات، وانعدام النظام والآلية من قبل وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي، واستغلال بعض منسوبي الوكالة وضعهم الوظيفي في بسط السيطرة على بعض المواقع لصالح ذويهم. ويرى الباحث أن سياسة المعالجة تقتضي التروي والبعد عن استخدام القوة، كون الأمر متعلقا بأعمال خيرية داخل المسجد النبوي، تتنوع فيها النوايا والمقاصد، وذهب إلى استبيان موظفي وكالة شؤون المسجد النبوي، والمراقبين العاملين في الميدان، والمشايخ وطلبة العلم، حول أربعة محاور، هي الإعلان عن ضوابط تنظيمية وشروط لوضع سفر الإفطار، منع إقامة السفر إلا بعد الحصول على ترخيص من وكالة شؤون المسجد النبوي، تكوين لجان مستقلة ومشتركة من عدة جهات للمراقبة وإعداد الضوابط، وحلول أخرى مقترحة. وأوصت الدراسة بوضع وسيلة لضبط الافتراش العشوائي والمتعدد للسفر، تكمن في تقسيم الحرم وساحاته إلى خانات بأرقام وألوان وهمية، يتم الترخيص بمد سفرة إفطار من قبل اللجنة المكونة من عدة جهات، ومن ثم صرف بطاقات بألوان الخانات ذاتها، لضمان عدم التداخل في المواقع، وذلك بعد إدخال البيانات في برنامج على الحاسب الآلي أعد لهذا الشأن.