أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمرا ملكيا، وجهه إلى مفتي عام المملكة رئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء رئيس هيئة كبار العلماء، والجهات المعنية، يقضي بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء. وطلب الملك في أمره من المفتي: «الرفع لنا عمن تجدون فيهم الكفاية والأهلية التامة للاضطلاع بمهام الفتوى للإذن لهم بذلك، في مشمول اختيارنا لرئاسة وعضوية هيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ومن نأذن لهم بالفتوى». وقال خادم الحرمين الشريفين: «ويستثنى من ذلك الفتاوى الخاصة الفردية غير المعلنة في أمور العبادات، والمعاملات، والأحوال الشخصية، بشرط أن تكون خاصة بين السائل والمسؤول، على أن يمنع منعا باتا التطرق لأي موضوع يدخل في مشمول شواذ الآراء، ومفردات أهل العلم المرجوحة، وأقوالهم المهجورة، وكل من يتجاوز هذا الترتيب فسيعرض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع، كائنا من كان، فمصلحة الدين والوطن فوق كل اعتبار». وفيما يلي نص الأمر الملكي: بسم الله الرحمن الرحيم الرقم : 13876 / ب التاريخ : 2 / 9 / 1431ه سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء ورئيس هيئة كبار العلماء نسخة لصاحب السمو الملكي النائب لثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية نسخة لمعالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد نسخة لمعالي وزير التعليم العالي نسخة لمعالي وزير العدل نسخة لمعالي وزير الثقافة والإعلام نسخة لمعالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي نسخة لفضيلة رئيس المجلس الأعلى للقضاء نسخة لمعالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انطلاقا من قول الحق جل وعلا { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون }، وقوله سبحانه { ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا }، وقوله { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم}، وقوله جل جلاله { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون }، وقوله تعالى { قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون وما ظن الذين يفترون على الله الكذب يوم القيامة إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون }، وقوله جل شأنه { وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون }، وقوله { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم }. على هذا الأساس القويم الذي حفظ لنا حمى الدين، وبين خطورة التجاوز عليه، والوقوع فيه، ترسخت في النفوس المؤمنة مفاهيم مهمة في شأن الفتوى وحدود الشرع الحنيف، يجب الوقوف عند رسمها، تعظيما لدين الله من الافتئات عليه من كل من حمل آلة تساعد على طلب العلم، ولا تؤهل لاقتحام هذا المركب الصعب، فضلا عمن لا يملك آلة ولا فهما، ليجادل في دين الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير، وإنما هو التطفل على مائدة الشرع، والعجلة خالي الوفاض في ميدان تحفه المخاطر والمهالك من كل وجه. وقد تابعنا هذا الأمر بكل اهتمام ورصدنا تجاوزات لا يمكن أن نسمح بها، ومن واجبنا الشرعي الوقوف إزاءها بقوة وحزم، حفظا للدين، وهو أعز ما نملك، ورعاية لوحدة الكلمة، وحسما لمادة الشر، التي إن لم ندرك خطورتها عادت بالمزيد، ولا أضر على البلاد والعباد من التجرؤ على الكتاب والسنة، وذلك بانتحال صفة أهل العلم، والتصدر للفتوى، ودين الله ليس محلا للتباهي، ومطامع الدنيا، بتجاوزات وتكلفات لا تخفى مقاصدها، مستهدفة ديننا الذي هو عصمة أمرنا، محاولة بقصد أو بدون قصد النيل من أمننا، ووحدة صفنا، تحسب أنها بما تراه من سعة الخلاف حجة لها بالتقول على شرع الله، والتجاوز على أهل الذكر، والتطاول عليهم، وترك ترجيح المصالح الكبرى في النطق والسكوت، بما يتعين علينا تعزيره بما نراه محققا لمقاصد الشريعة، وكل من خرج عن الجادة التي استقرت بها الحال، وسنة سنها رسولنا صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من الصحابة رضوان الله عليهم وعلماء الأمة منذ صدر الإسلام، واطمأنت إليها النفوس، ثقة بكبار علمائنا وأعمدة فتوانا، على هدي سلفنا الصالح، ونهجهم السوي، ولأن كان عصرنا هو عصر المؤسسات لتنظيم شؤون الدنيا في إطار المصالح المرسلة، فالدين أولى وأحرى في إطار مصالحه المعتبرة. إن تباين أقوال أهل العلم يتعين أن يكون في نطاق هيئاتهم ومجامعهم العلمية والفقهية، ولا يخرج للناس ما يفتنهم في دينهم، ويشككهم في علمائهم، فالنفوس ضعيفة والشبه خطافة، والمغرض يترقب، وفي هذا من الخطورة ما ندرك أبعاده، وأثره السيئ على المدى القريب والبعيد على ديننا ومجتمعنا وأمننا. إننا بحمد الله أسعد ما نكون بالحق، فلا نعرف الرجال إلا به، ونفرق بين سعة الشريعة وفوضى القيل والقال، وبين اختلاف أقوال أهل العلم فيما بينهم، على هدي الشريعة، وسمت علماء الإسلام، وبين منازعة غيرهم لهم، والتجاوز على حرمة الشرع، كما نفرق بين مسائل الدين التي تكون بين المرء وربه في عبادته ومعاملته، ليعمل فيها في خاصة نفسه بما يدين الله به، دون إثارة أو تشويش، وبين الشأن العام مما لا يسعه الخوض فيه بما يخالف ما تم حسمه بآلته الشرعية التي تستند على أقوال أهل العلم بالدليل والتعليل، وهنا نستذكر قاعدة الشرع الحنيف في أنه لا عصمة لأحد إلا لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه، وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا قول نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. وهذه القاعدة الشرعية لا تتعارض ولا تنفك عن الضوابط السابقة، فهي تجري في سياقها، وتتوخى مقاصدها، وما زال أهل العلم قديما وحديثا يوصون باجتماع الكلمة، وتوحيد الصف، ونبذ الفرقة، ويدخل في هذا الاجتماع على أمر الدين، وقد ترك بعض الصحابة رضوان الله عليهم بعض آرائهم الفقهية، من أجل اجتماع الكلمة، وأن الخلاف شر وفتنة. ويدخل في معنى تلك التجاوزات ما يحصل من البعض من اجتهادات فردية، يتخطى بها اختصاص أجهزة الدولة، ولا سيما ما يتعلق بالدعوة والإرشاد، وقضايا الاحتساب، فقد أقامت الدولة بحمد الله منذ تأسس كيانها على قاعدة الإسلام، مؤسسات شرعية تعنى باختصاصات معلومة لدى الجميع، وقامت بواجبها نحوها على الوجه الأكمل، لكن نجد من البعض من يقلل من هذا الدور، متعديا على صلاحياتها، ومتجاوزا أنظمة الدولة، ومنهم من نصب نفسه لمناقشتها، وعرضها على ما يراه، وهذا ما يتعين أخذه بالحزم ورده لجادة الصواب، وإفهامه باحترام الدور الكبير الذي تقوم به مؤسساتنا الشرعية، وعدم الإساءة إليها بتخطي صلاحياتها، والتشكيك في اضطلاعها بمسؤولياتها، وهي دعوة مبطنة لإضعاف هيبتها في النفوس، ومحاولة الارتقاء على حساب سمعتها وسمعة كفاءاتنا الشرعية التي تدير شؤونها، التي يتعين عليها التنبه لهذا الأمر، وتفويت الفرصة على كل من تسول له نفسه اختراق سياجها الشرعي والنظامي، والنيل من رجالها، وهم حملة الشريعة وحراسها. ولا شك أن للاحتساب الصادق جادة يعلمها الجميع، خاصة أن الذمة تبرأ برفع محل الاحتساب إلى جهته المختصة، وهي بكفاءة رجالها وغيرتهم على الدين والوطن محل ثقة الجميع، لتتولى أمره بما يجب عليها من مسؤولية شرعية ونظامية. ولم تكن ولن تكون الجلبة واللغط والتأثير على الناس بما يشوش أفكارهم، ويحرك سواكنهم، ويتعدى على صلاحيات مؤسساتنا الشرعية أداة للاحتساب وحسم الموضوع، بل إن الدخول الارتجالي فيها يربك علم مؤسساتنا الشرعية ويسلبها صلاحياتها، ويفرغها من محتواها، بدعوة واضحة للفوضى والخلل، ومن هؤلاء من يناقض نفسه بإعلان حرصه على هذه المؤسسات وتزكيتها، وعدم النيل منها، ثم يلغي بفعله الخاطئ دورها، ومنهم من يكتب عرائض الاحتساب للمسؤولين فيما بينه وبينهم، كما هو أدب الإسلام، ثم يعلن عنها على رؤوس الأشهاد ليهتك ما ستر الله عليه من نية، أو سوء تدبير على إحسان الظن به، وفي مشمول هؤلاء كل من أولع بتدوين البيانات والنكير على الخاص والعام لسبب وغير سبب ومن بينهم من أسندت إليهم ولايات شرعية مهمة . وفي سياق ما ذكر ما نما إلى علمنا من دخول بعض الخطباء في تناول موضوعات تخالف التعليمات الشرعية المبلغة لهم عن طريق مراجعهم، إذ منبر الجمعة للإرشاد والتوجيه الديني والاجتماعي بما ينفع الناس، لا بما يلبس عليهم دينهم، ويستثيرهم، في قضايا لا تعالج عن طريق خطب الجمعة. وترتيبا على ما سبق، وأداء للواجب الشرعي والوطني، نرغب إلى سماحتكم قصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، والرفع لنا عمن تجدون فيهم الكفاية والأهلية التامة للاضطلاع بمهام الفتوى للإذن لهم بذلك، في مشمول اختيارنا لرئاسة وعضوية هيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، ومن نأذن لهم بالفتوى، وتستثنى من ذلك الفتاوى الخاصة الفردية غير المعلنة في أمور العبادات، والمعاملات، والأحوال الشخصية، بشرط أن تكون خاصة بين السائل والمسؤول، على أن يمنع منعا باتا التطرق لأي موضوع يدخل في مشمول شواذ الآراء، ومفردات أهل العلم المرجوحة، وأقوالهم المهجورة، وكل من يتجاوز هذا الترتيب فسيعرض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع، كائنا من كان، فمصلحة الدين والوطن فوق كل اعتبار، وقد زودنا الجهات ذات العلاقة بنسخ من أمرنا هذا لاعتماده وتنفيذه كل فيما يخصه ، وسنتابع كافة ما ذكر، ولن نرضى بأي تساهل فيه قل أو كثر، فشأن يتعلق بديننا، ووطننا، وأمننا، وسمعة علمائنا، ومؤسساتنا الشرعية، التي هي معقد اعتزازنا واغتباطنا، لن نتهاون فيه، أو نتقاعس عنه، دينا ندين الله به، ومسؤولية نضطلع بها إن شاء الله على الوجه الذي يرضيه عنا، وهو المسؤول جل وعلا أن يوفقنا ويسددنا، ويدلنا على خير أمرنا، ويلهمنا رشدنا وصوابنا، وأن يسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، ويزيدنا من فضله ويستعملنا في طاعته، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، عبد الله بن عبد العزيز
أكد ل «عكاظ» مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، أن أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء توجيه حكيم لضبط الفتوى ومنع التخبط. وعن استضافة طلاب العلم في بعض القنوات التلفزيونية قال مفتي المملكة: «نرجو أن يتم التنسيق معهم وننصحهم أن يتأملوا هذا التوجيه تأمل حق، ويعلموا أنه صادر من ولي الأمر وهدفه تدارك الأخطاء وعدم الوقوع فيها، للحد من الخروج أمام العامة والتحليل والتحريم بدون دليل أو برهان». وحول السماح لبعض طلاب العلم والمشايخ المشهورين لتقديم الفتوى، بين آل الشيخ أن هذه الأمور ستؤخذ في الحسبان مستقبلا وستكون محل الاهتمام والنظر. ودعا المفتي طلاب العلم إلى الالتزام بما صدر من ولي الأمر، سائلا الله أن يوفق ولاة أمرنا لكل خير.
قال وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ «إن أمر خادم الحرمين الشريفين الصادر أمس، في شأن تنظيم الفتوى وقصرها على أعضاء هيئة كبار العلماء نابع من رؤية ولي الأمر لما فيه صالح الدين والأمة». وأكد ل «عكاظ» وزير الشؤون الإسلامية أن مضمون الأمر الملكي سيسهم في ضبط الفتوى، وضمان صدورها من جهة اختصاصها، وطالب بعرض الفتاوى على الجهة المختصة بالإفتاء قبل إعلانها، وقال: «إن عدم الالتزام بذلك ليس من الصالح العام». ونبه آل الشيخ إلى أن نهج الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح، هو التشديد في أمر الفتوى، مشيرا إلى القاعدة الفقهية «الشريعة جاءت لتحصيل المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها»، داعيا إلى العلم بهذه القاعدة. وقال وزير الشؤون الإسلامية: «يجب على من يصدر الفتوى أن يتصف بالبلوغ والعدل والعلم بالأحكام الشرعية، والعلم بأحوال الناس وأهوائهم وأغراضهم، وإذا لم يعلم واقع الناس وأحوالهم فقد تسمى له الأمور بغير أسمائها، وقد توصف له الأمور بغير وصفها، لذلك يجب أن يكون المفتي متأنيا متثبتا، لا يصدر فتواه إلا بعد إيقان واتقان ونظر في المصالح والمفاسد».
نوه وزير العدل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى بالمضامين الشرعية والوطنية التي توخاها الأمر الملكي بتنظيم شأن الفتوى والتأكيد على احترام المؤسسات الشرعية وعدم تخطي صلاحياتها بأي أسلوب من أساليب التجاوز في الفتوى أو الاحتساب. واعتبر أن أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تأسس على نصوص الشريعة المطهرة ومقاصدها السامية التي تتوخى مصلحة البلاد والعباد في المعاش والمعاد، كما جاء ليضع الأمور في نصابها الصحيح، ويسير بالجميع على هُدى وبصيرة، في مشمول غايات مهمة تحذر من مخاطر الفوضى العلمية وأثرها السيء في الدين والدنيا. ووصف وزير العدل الكريم أنه وثيقة تاريخية تضاف لسجل خادم الحرمين الشريفين ومنجزاته الكبرى لخدمة الدين والوطن، في سياق موفق مسدد على هدي الكتاب والسنة، على جادة سواء، تقتبس من مشكاة أهل العلم والإيمان في بيانهم الشافي لهذا الأمر في العديد من كتبهم ومدوناتهم وعلى الأخص بعد النظر في الاستقراء والتتبع والجمع والفرق وقطع الطريق على من وظف سعة الشريعة لما يخالف هديها ومقصدها.
وصف عضو هيئة كبار العلماء عضو مجلس القضاء الأعلى الدكتور علي عباس الحكمي الأمر الملكي ب«التاريخي، وسيحد من الفتاوى الشاذة التي تصنع البلبلة في أوساط المجتمع». وقال الحكمي في حديث إلى «عكاظ»: هذا القرار الحكيم فيه تحقيق لمصلحة المسلمين لأن القضايا العامة تعم الكل لذلك ينبغي أن تكون منضبطة بضوابط تحول بينها وبين الشذوذ والاختلاف في المكانة المتفق عليها بأحقية الفتوى». وبين عضو هيئة كبار العلماء، أن هذا القرار سيكون خير ضابط وحاجز عن الفتاوى الشاذة والفردية لجماعة المسلمين والعلماء على حد سواء، إضافة لحماية سمعة ومكانة أهل العلم، خصوصا في القضايا الفقهية التي أجمع عليها علماء الأمة وأراد البعض مخالفتها.من جهته، رأى وكيل وزارة الشؤون الإسلامية الدكتور توفيق السديري في هذا الأمر الملكي بأنه متميز في توقيته وصياغته ومضامينه، وهذه الصياغة الرائعة لوحدها تحتاج لوقت طويل لاستنتاج المضامين العظيمة. وأشار السديري إلى أن الأمر الملكي جاء في توقيت مناسب؛ لما لوحظ من انفراط في توجيه الفتوى والإرشاد، مبينا أن المسألة كانت بحاجة لتدخل ولي الأمر. ودعا وكيل الوزارة جميع الجهات للتكاتف لتنفيذ هذا القرار وعدم إعطاء الفرصة للآراء والاجتهادات التي يكون نشرها جالبا للفتنة والتشكيك، وقد لا يكون مناسبا بحثها إلا في المجامع الفقهية والندوات وجلسات العلماء.
طالعتنا وسائل الإعلام في المملكة العربية السعودية بإصدار الأمر الملكي السامي من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يقضي بأن تكون بعض الفتاوى الخاصة بما له علاقة بالشأن العام والأمة والدولة والقضايا الحساسة جدا أن تكون قاصرة في إصدارها على هيئة كبار العلماء ومفتي عام المملكة. مفتي شمال لبنان الأمر الملكي كان موفقا للغاية، إن قصر الفتوى على المؤهلين بها وحجبها عن غير المؤهلين ومنعهم من التجاسر على القول في دين الله بغير علم من أجل أعمال البر والأمة الإسلامية وليس المملكة فحسب بحاجة إلى مثل هذا الأمر، حيث إن الفتوى صار يتناولها كل من هب ودب وليس مؤهلا لذلك، ونسأل الله تعالى أن يجعل هذا العمل الصالح الذي فيه تدارك الفتوى وأن تكون على مسارها الشرعي ذخرا له في حسناته يوم القيامة. مفتي موريتانيا لقد أثلج صدر كل مسلم فضلا عن عالم أو طالب علم؛ الأمر السامي لخادم الحرمين الشريفين بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء، لما في هذا الأمر من حفظ الشريعة الإسلامية وفروعها الفقهية من زغل التطلع إلى المراتب العلية عن طريق اختيار الأقوال غير المرضية التي قد لا يكون لها محل من النظر عند العلماء أو ليس لها محل في اجتهادات الفقهاء. كبير المفتين في إدارة الإفتاء في دبي
أكد ل «عكاظ» عدد من علماء الأمة أن قصر الفتوى على كبار العلماء في أمور المسلمين الكبار يعتبر قرارا صائبا وتاريخيا وجاء في المكان والزمان المناسب، منوهين إلى أن ما صدر من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أمس في قصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، واصفين موقف الملك من الفتوى بأنه «سيسهم في حماية جناب الفتوى من التعدي ويحمي الناس من التشويك والتشكيك بفعل بعض الفتاوى الشاذة التي تهم الجميع». وشدد العلماء على أن تحذو باقي الدول العربية والإسلامية حذو خادم الحرمين الشريفين في موقفه الذي سيشكل تنظيما للفتوى من ناحية والحفاظ على هيبة العلماء. واعتبر مفتي القدس الدكتور عكرمة صبري أن قرار خادم الحرمين يشكل نقطة انعطاف لأنه «يحمي الفتوى من أنصاف المتعلمين والمتعالمين»، وقال «لا شك أن هذا القرار الحكيم قد جاء في وقته وهو يدل على حكمة ورجاحة عقل وتدخل في الوقت المناسب». وبين صبري أن الفتاوى الشاذة باتت تشكل مصدرا من مصادر التشويش والتشكيك خصوصا في القضايا العامة التي تهم جميع شرائح المسلمين بلا استثناء، مؤكدا على أن قرار قصر الفتوى على هيئة كبار العلماء أو من ينيبهم سيحقق فوائد عديدة للمسلمين. وحذر مفتي المقدس من انتشار فوضى الفتاوى في المجتمع المسلم ما ينزع الثقة من العلماء الكبار وسيسهم في الخلط بين أنصاف العلماء والفقهاء الحقيقيين، مؤكدا أن الفتاوى في الأمور الرسمية والقضايا العامة لها أهلها من الفقهاء الكبار الذين يوازنون بين المصالح والمفاسد ويختارون ما هو أفضل، موضحا أن بعض أهل العلم قد يجتهدون في بعض الفتاوى دون مراعاة المصالح العامة فتكون مضار الفتوى التي يطلقونها أكبر من منافعها، متمنيا أن تصدر قرارات متشابهة في الدول العربية والإسلامية حماية لجانب الفتوى وحفظا لمكانة وسمعة العلماء. من جهته، أكد أمين دار الإفتاء في سورية الدكتور علاء الدين الزعتري أن القضايا العامة تحتاج إلى فتاوى على قدر المسؤولية، وقال «هذه المسألة لا تترك لكل من حمل شهادة علمية في الفقه أو الشريعة أو أنصاف المتعلمين أو ممن لم يصلوا إلى مرتبة لا يستطيعون من خلالها مراعاة مصالح المسلمين فيخطئون في فتواهم ويضعون الناس في حرج حين يشذون في الفتوى»، مستطردا «لا شك أن القرار من القرارات الإدارية والتنظيمية الحكيمة وتندرج تحت قول الله تعالى (يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، وشدد «المجتمع المسلم قد يتأثر بالفتوى الشاذة ما يحدث بلبلة كبرى». ولفت الزعتري إلى أن المسائل العادية من معاملات شخصية وعبادات يمكن لطلاب العلماء أن يفتوا فيها لأنها تعتبر قضايا خاصة وليست عامة، وتمنى الزعتري أن تسير جميع الدول العربية والإسلامية على هذا القرار بحصر الفتوى في كل بلد للعلماء الكبار في القضايا العامة، مشيرا إلى وجود مجامع فقهية كبرى في العالم الإسلامي يمكن أن تحال لها كثير من الأمور الفقهية وتعطي رأيها فيها، وبالتالي تتحقق الفائدة للجميع دون ترك مسألة الفتوى عائمة في قضايا المسلمين الكبرى. بدوره وصف رئيس مجمع فقهاء الشريعة في أمريكا عضو المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث الدكتور حسين حامد حسان قرار خادم الحرمين بأنه «شجاع وحكيم وتاريخي وقد جاء من رجل المبادرات دوما، وسيفيد المسلمين في المملكة خصوصا وفي العالم العربي والإسلامي عموما لأن المسائل عامة بحاجة لرأي كبار العلماء». ورأى حسين أن حكمة القرار تكمن في استثنائه للقضايا الخاصة كالمعاملات والعبادات والأحوال الشخصية التي لا يمكن لكبار العلماء أن يرد على الكم الكبير من المسائل في كل قرية ومدينة، مشيرا إلى أنه جاء مفصلا وافيا وكافيا وجامعا وموضحا، فالعلماء الكبار هم من يبتون في الفتاوى الكبار.