ترددت في الأوساط الصحفية خلال الأيام القليلة الماضية أخبار وتصريحات متعددة عن إيقاف خدمة (المسنجر) في البلاك بيري في دولة الإمارات العربية المتحدة، وامتدت هذه الأخبار لتشمل شركات الاتصالات في المملكة. البعض يؤكد والآخر ينفي عزم هذه الشركات إيقاف خدمة (المسنجر) لدينا. هناك من أشار إلى أسباب أمنية، وهناك من تحدث عن انتهاك الخصوصيات والآثار الاجتماعية المترتبة عليها. حديثي عن البلاك بيري ليس بقصد المطالبة بإبقاء خدمة المسنجر أو إلغائها، وإنما لتسليط الضوء على هذه الظاهرة، وكيف سرت في مجتمعنا سريان النار في الهشيم وضراوتها تزداد يوما بعد يوم. الكل يبحث عن التقنية الحديثة، ويحاول استخدامها في حياته اليومية لتسهل له أموره، وتساعده على الإنجاز في أقصر وقت، وأطمع أن يكون الكل حريصا أيضا على الاستخدام الأمثل لهذه التقنية لتتحقق الفائدة المرجوة منها. ولكن ماذا دهانا مع هذا المارد المسمى (بلاك بيري)؟ ... اقتناه الكثيرون أطفال وكبار، نساء ورجال، أصبحت تسمع نغمات رسائله الفورية في كل مكان، والكل لا هم له إلا النظر في الرسالة الواردة ثم الرد عليها مهما كانت الظروف المحيطة. إحداهن وهي تمشي في مجمع تجاري بلغت درجة من الانسجام مع جهازها وهي تقرأ وتكتب فلم تعد ترى ما أمامها إلى أن اصطدمت بأحد الأعمدة ثم أفاقت... هل هذا ما نريد؟ خدمة البلاك بيري في أساسها كانت تستهدف رجال الأعمال وذوي المسؤوليات الكبيرة، حيث توفر لهم خدمات التواصل مع شركاتهم، وتسهل تزويدهم بالأخبار والتعاميم أولا بأول، ولكن ماذا عن شبابنا وفتياتنا؟ يقول أحدهم في مقابلة صحفية: إنني اشتريت الجهاز لجذب نظر الفتيات، وقد تكبدت أعباء مالية كبيرة لشرائه. وتقول أخرى: مع الأسف أن بعضهن يستخدمنه لأهداف سيئة كالتعارف والدردشة مع الشباب. في الطرف الآخر نجد نماذج إيجابية في التعامل مع هذه الخدمة الهاتفية وفق ما صممت له في المقام الأول. يقول أحد الطلبة السعوديين في إحدى كليات الطب: إن خدمة البلاك بيري سهلت له استقبال الملفات والصور العلمية من زملائه، وبعض مقاطع المحاضرات، بالإضافة إلى الواجبات اليومية... ولكن ما هي نسبة هذا المستخدم المثالي للآخرين؟؟ من المؤكد لا شيء يذكر. قد يلومني البعض في أنني أقف ضد استخدام التقنية، والاستفادة منها، ولكنني أقول: لنكن مع التقنية في أبهى حللها، ولنستفد منها الاستفادة المثلى. أما أن يصل الأمر بشبابنا إلى درجة تجعل بعضهم يكتب رقم ال (بي بي) على ظهر سيارته، ويصبح البلاك بيري وسيلة لتبادل محادثات لا طائل وراءها، ونشر صور ورموز منافية للآداب، وتداول الإشاعات، فهذا أمر لا يرضاه عقل ولا نقبل به لمجتمعاتنا. [email protected]