«من فيض».. من دواخل الأسماء التي يستضيفها هذا الفضاء، نحاول مقاربة جوانب مخزونها الثقافي والمعرفي، واستكناه بواطنها لتمطر، ثم تقديمها إلى الناس، مصطحبين تجاربهم، ذكرياتهم، ورؤاهم في الحياة ومن حولهم، وذلك على شاكلة أسئلة قصيرة وخفيفة في آن معا. عرفت الدكتورة هتون أجواد الفاسي عبر مسيرتها ككاتبة صحافية وأستاذة جامعية، بمناداتها الدائمة بحقوق المرأة ومنافحتها عن مجمل قضاياها.. وهي من خلال «من فيض»، تستشرف مرحلة أكثر أفقا واتساعا لمساحات الضوء للمرأة السعودية، من ذلك تأكيدها بأن المرأة السعودية دخلت مجالات الفكر والأدب، بفكرها الراقي، وليس بكعبها العالي، ونفت عن نفسها صفة الضعف كونها امرأة، وأكدت أن توقفها عن التدريس، لم يكن برغبتها، وأن أساتذة الجامعات، هم أبعد خلق الله عن الثراء. • بوصفك امرأة كيف استطعت تعويض نقاط ضعفك؟ - أنت تفترض أنني ضعيفة، وأنا لست كذلك، بل إنسانة قوية. • المهد في ربوع نجد.. فيم يختلف عن غيره؟ - أنا أتواصل مع مناطق مختلفة في المملكة، ولا أرتبط بمكان ما. • أقصى خير يطمح إليه الإنسان هو الخير المطلق أو السعادة الكاملة.. فهل وصلت إليها؟ - السعادة بالنسبة لي هي الرضا، وأنا الحمد لله إنسانة راضية بما كتبه الله لي. • ما الذي يوتر أعصابك؟ - الفهم الخاطئ وتحريف ما لم أقله. • غالبا ما يسير المفكرون أثناء النوم.. إلى ما ترجعين ذلك؟ - لا أظن أن هذه حقيقة علمية، بقدر ما هي مبالغة. • لماذا فشلت كل الأيدلوجيات في الوطن العربي.. أهو سوء في التطبيق أم خلل في الفكرة؟ - تفسير ذلك يمكن أن يؤلف فيه كتب، فهناك عوامل اجتماعية سياسية وعوامل فكرية وعوامل اقتصادية وعوامل دينية وحتى اجتماعية.. كل هذه العوامل تؤدي إلى إفشال نجاح الأيدلوجيات في الوطن العربي. • دخلت المرأة بكعبها العالي كل مجال، إلا مجال الفكر والفلسفة؟ - ليس صحيحا، المرأة السعودية أثبتت تميزها في جميع العلوم، وهي لم تدخل بكعبها العالي وإنما بفكرها الراقي. • ولكن ذاكرتنا لا تحمل اسما لإحدى فيلسوفاتنا؟ - لأننا للأسف لا نحفظ إلا أسماء الفلاسفة الأجانب، وفي هذا تحامل واضح على المرأة، لأنك لو بحثت قليلا لوجدت فيلسوفات كثر. • لمن تقرأين من الكاتبات؟ - فوزية أبوخالد، فوزية البكر، أمل زاهد، ذكرى القحطاني، هالة الدوسري. • الكرة استحوذت على لب الناس.. ما تعليقك؟ - الكرة التي استحوذت على عقول الناس هي كرة (الرجول) أو القدم فقط، وهو الشيء الذي يجعل الناس لا تفكر إلا تحت أقدامها، بينما الكرة تعني أشياء كثيرة، فالكرة تدار بالعقول قبل (الرجول). • أمنية تتمنين تحقيقها؟ - أن أرى وضع المرأة يتحقق للأفضل. • الإعلام العربي.. إلى أين يتجه في ظل تعددية القنوات الفضائية؟ - إلى التعددية، وإعطائنا مزيدا من الفرص للاختيار. • تخصصك الأكاديمي.. إلى أي مدى أفدتيه وأفادك؟ - أول شيء آمل أن أكون قد أفدت تخصصي. • عملية السلام ماذا تعني لك كامرأة تاريخ؟ - فرض تسويات القوي على الضعيف، وهيمنة القوي على الضعيف. • ما رأيك في كتاب الزوايا اليومية؟ - كثير منهم يستحقون الإطلالة عبرها، لإدراكهم بما تمثله من مسؤولية كبيرة، وهناك من يكتب فيها، بحكم العادة والمنصب. • من هم هؤلاء؟ - سبق لي أن أشرت إلى أسماء بعض الكاتبات ممن يأسرني أسلوبهن الإبداعي في الكتابة، وأضيف إليهن من الكتاب عابد خزندار وعبد العزيز السويد. • ما هو الأصح.. وراء كل رجل عظيم امرأة أم العكس؟ - برأيي، كلا العبارتين صحيحتان، لأنني أؤمن بأن الحياة شركة بين طرفين. • عجائب الدنيا سبع.. فهل تزيدين عليها؟ - تحديدها سبع مسألة تقديرية، وقد أضيفت إليها أخيرا مدينة بترا، والعجائب تعني هنا، كم الفنون والحضارات التي عرفت وكشفت للعالم. • بحكم تخصصك في التاريخ.. من هو علامة التاريخ وسفيره في وقتنا الحالي؟ - هناك الكثير من علماء التاريخ الذين يعيشون بيننا الآن، ولكن من الصعب القول إن هذا أو ذاك علامة التاريخ وسفيره. • الغربة بماذا أشعرتك؟ - الغربة تجعل الإنسان يتذكر وطنه، وتشعره بالمسؤولية كونه سفيرا لبلده أينما حل أو ارتحل. • وقفت أمام (مرآة) وشاهدت نفسك.. ماذا تقولين لها؟ - لا أرى فيها سوى عيوبي. • هل حاولت أن تزرعي حب التاريخ في عقول أبنائك؟ - سأزرع في قلوبهم وعقولهم محبة كل الناس، ولكن حين يكبرون، فما زال أبنائي صغارا، أحدهما عمره سنتان والآخر أربع سنوات. • هناك من يطالب بإعادة كتابة التاريخ العربي.. ما تعليقك؟ - حتى لو أعدنا كتابته، فسنعيد كتابته من واقع ما هو قائم في مجتمعاتنا العربية.. فأين الجديد؟ • هل أساتذة الجامعات أثرياء؟ - من أين لهم الثراء، والرواتب معروفة والبدلات معروفة. • حجب صفحات الآثار والتراث في الصحف العامة.. هل هي ظاهرة طبيعية؟ - بالطبع لا، والملامة هنا تقع على رؤساء التحرير، لإغفالهم هذا الجانب المهم، الذي يخفي بريق حضارتنا، وحجبها عن القارئ يقع في قالب العادات (غير الصحية). • هل للنجاح ضريبة؟ - نعم، وضريبته التنازل عن أمور لا يخيل للمرء أن يتنازل عنها بسهولة، نظرا لوقوعه تحت دائرة الضوء، وأعني (الشهرة). • علاقتك بالتاريخ هل تقتصر على التدريس؟ - أنا متوقفة عن التدريس. • برغبتك أم ماذا؟ - لا ليس برغبتي. • إذن ماذا تمارسين من مهمات في حرم الجامعة؟ - أعمال إدارية وتنظيم اللجان، إلى جانب اشتغالي بالبحث العلمي. • إلى أي مدى تستطيعين الوصول إلى نفسك الأمارة بالسوء؟ - كثيرا، وأحاسبها على أي تصرف. • متى يرقد ضميرك؟ - لا يرقد ولا أريد له أن يرقد يوما. • متى مشيت بدون حذاء؟ - لم يحصل ذلك على المستوى الحقيقي. • على ماذا يطل برجك العاجي؟ - لا أسكن في برج عاجي، بل إني أرى نفسي ممن ينغمسون كثيرا في قضايا المحيطين ومشاكلهم. حين أبتعد قليلا لأطل على المحيطين بي تكون هي لحظات مراجعة للذات وموقفها من الآخر والعالم المحيط، وفي النهاية أرى بشرا ومزيجا أنا منه وفيه بشكل أو بآخر. • ما الشيء الذي تعتقدين أنه لابد من خصخصته في المثقف العربي؟ - الذات المتضخمة. • يظل المفكر بعيدا عن الخوض في الهموم اليومية، لماذا لا نراه يكتب في الكهرباء والجوال وعن الماء والرغيف؟ - التفكير مسألة نخبوية، والمعرفة الفلسفية متعالية بطبيعتها. المفكر بشكل أو بآخر معني بالإنسان من حيث هو كائن ومن حيث موقعه في الوجود، ولا يشترط أن يكون التناول مباشرا أو بحثا في الجزئي والعرضي. ومن جهة أخرى هناك مفكرون يصعب فصلهم عن هموم الإنسان وصراعه المتعدد ومتنوع الأشكال في الحياة اليومية وظلت تلك هي قضيتهم الأساسية. • المثقفون العرب هل يحملون شيئا من اسمهم؟ - يصعب التعميم وإصدار الأحكام المطلقة، لكن المشكلة التي يعانيها عدد من المثقفين هي هذه الازدواجية بين القول والفعل، أو ما يمكن تسميته النفاق الفكري وهؤلاء هم أبعد ما يكونون عن الثقافة بمعناها الجوهري، وهم أقرب إلى ممثلين يتقنون لعب الأدوار في المكان المناسب والوقت المناسب. • العلاقات الاجتماعية تسير نحو المصالح والماديات.. كيف نصحح هذا المسار؟ - بأن نسير في اتجاه مخالف للطريق الذي اعتدنا عليه، لأنه كفيل بأن يحصل الناس على حقوقهم. • ما أبرز شيء في التاريخ العربي؟ - تاريخنا ناصع وهو انعكاس لما أحرزناه من تقدم في سالف العصر، وأجمل ما فيه، حين نسترجع تاريخ السيرة النبوية، وهي الحقبة الذهبية لتاريخنا. هتون الفاسي تاريخ ومكان الميلاد: جدة 1964 المنصب الحالي أستاذ مساعد، قسم التاريخ، جامعة الملك سعود. كتابة المقال كاتبة رأي أسبوعية منذ 1993 بدءا بمجلة الشرق والوطن العربي، ثم صحف: المدينة، الرياض، الوطن، الشرق الأوسط، الاقتصادية، عرب نيوز، والرياض. أول بدايات الكتابة كانت عام 1401، جريدة الرياض. ثم رسالة الجامعة من 1404 تتناول المواضيع الاجتماعية، الاقتصادية، التربوية، السياسية، مع التركيز على قضايا المرأة. السجل التعليمي يوليو 2000 دكتوراة في التاريخ القديم، قسم دراسات الشرق الأوسط، جامعة مانشستر، بريطانيا، بعنوان «المرأة والسلطة في شمال الجزيرة العربية القديم: الأنباط». 1412/1992 ماجستير في التاريخ القديم، جامعة الملك سعود، بعنوان «الحياة الاجتماعية في شمال غرب الجزيرة العربية من منتصف القرن السادس قبل الميلاد وحتى القرن الثاني الميلادي». (فصل صيفي في الجامعة الأردنية بقسم الآثار 1984 تقدير امتياز). 1406/1986 شهادة بكالوريوس في التاريخ، جامعة الملك سعود، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الثانية. 1402/1982 الشهادة الثانوية، مدارس التربية الإسلامية، الرياض، بتقدير امتياز والمرتبة الثانية على المنطقة الوسطى والشمالية والشرقية للقسم الأدبي. السجل الوظيفي 2008 أستاذ مساعد، قسم التاريخ جامعة الملك سعود. 2001 محاضرة، قسم التاريخ، جامعة الملك سعود. 1992 2001 محاضرة، قسم التاريخ، جامعة الملك سعود. 2001 2002 مديرة إدارة الشبكة التلفزيونية، جامعة الملك سعود. 1998 مساعدة أستاذ، قسم دراسات الشرق الأوسط، جامعة مانشستر 1409 1412 معيدة، قسم التاريخ، جامعة الملك سعود.