وجاءت من أباطحها قريش كسيل أتى بيشة حين سالا تذكرت هذا البيت من الشعر، وأنا أقرأ تذمر سكان «بيشة» من حال الطرق، ووصفهم لأحدها بأنه «غير آمن، وخطير، ويتربص بقائدي السيارات، والطريق الوحيد الذي يربط قرية الباطن بيشة، عبر أحد فروع وادي التبانة، مرورا بشركة الكهرباء المركزية» (صحيفة عكاظ، 28 رجب 1431ه، ص 13). عندما فكرت في أن أبدي رأيي في هذا الموضوع، عدت إلى خطة التنمية الثامنة (قطاع النقل) فوجدت في مقدمته «ستركز (أي الخطة) على تطوير مرفق البنية الأساسية لقطاع النقل، ورفع الكفاءة التشغيلية لأنماطه المختلفة، وتحسين قدرتها التنافسية، وتقوية الترابط بين المراكز الحضرية، والمدن، والقرى بالإضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص في توفير خدمات النقل» وهذا هو ما خططت له الدولة، وعهدت بتنفيذه للجهات المعنية، وبعد انقضاء خمس سنوات يتساءل الناس: هل تطورت فعلا البنية الأساسية للنقل؟ وحسنت القدرة التنافسية للطرق؟ ورفعت كفاءتها الشغيلية؟ أم أن التخطيط للطرق في واد، وواقعها في واد آخر، وقد لا يلتقيان إلا بتغيير الواقع الحالي للطرق. طائفة من مواطني «بيشة» لهم رأي في طرق محافظتهم. أحدهم يرى أن «المشكلة الأساسية تكمن في ضيق الطرق، التي تكثر فيها الحوادث المميتة» وثان اتهم وزارة النقل بأنه «ليس لديها خطة واضحة لترقية الطرق» وثالث رأى أن الوزارة «تنشئ طرقا مفردة في مناطق تكون حركة السير فيها كثيفة للغاية» وطالب رابع ب «إيجاد طرق تحل محل الطرق الحالية، الطويلة المسافة، التي استوعبت أكثر من طاقتها» فيما رأى خامس «أن صيانة الطرق من أهم المشكلات، حيث تبقى طرق المملكة لفترات طويلة دون صيانة، رغم الاستخدام المتزايد لها سنويا» واتفاق الآراء على أن الطرق في «بيشة» غير آمنة، يجعل من حق مواطني «بيشة» على وزارة النقل، أن تسمع آراءهم، فقد دقوا جرس إنذار، إزاء التنمية، المهددة بفعل رداءة بعض الطرق، في عصر حجز المساحات، والنوافد الإلكترونية في الفضاء. من الواضح أن هناك مشكلات في تصميم الطرق، كشفت الأمطار والسيول، عن أن بعضها نخره السوس، وأصابه العطب، مما يستنتج معه: تبذير المال العام وهدره، خارج حدود الضوابط، فيتبع ما بعده، ويعود المجتمع إلى ما عاناه من تخلف في الماضي السحيق، والمناطق والمحافظات، إلى ما كانت تعانيه من سوء التنمية، وتهدد الثروة البشرية بالفناء من خلال ارتفاع نسبة وفيات حوادث الطرق، التي قالت منظمة الصحة العالمية عنها: «إن السعودية سجلت أعلى نسبة وفيات في حوادث الطرق، على المستويين العربي والعالمي، حيث وصل عدد الوفيات إلى (49) وفاة لكل (100) ألف من السكان». بعض طرق «بيشة» تعرضت في الأشهر الأخيرة لجرف السيول، ووعدت بلديتها بإجراء دراسة «لإعادة سفلتة الطريق الذي يربط قرية الباطن (غربي بيشة) بالطريق العام بيشة العلايا، والطرق الداخلية في القرية التي تعرضت لجرف السيول» حسبما أعلن رئيس بلدية بيشة الدكتور فيصل الصفار ( صحيفة عكاظ، 28 رجب 1431ه، ص 13). ولا أدري ومن المؤكد أن سكان بيشة لا يدرون ماذا تم في الدراسة ؟ وهل سبقها معرفة الأسباب التي أدت إلى سوء أحوال الطرق ؟ وعما إذا كان بالإمكان تلافيها مستقبلا.؟ انهيار الطرق في «بيشة» يعيد فتح ملف الطرق في المجتمع السعودي، والرؤية المستقبلية لها، باستخدام الدراسات الميدانية، لمعرفة المعوقات والمشكلات، التي يعانيها المواطن والمقيم، جراء الضعف البادي في شبكة الطرق، والتعرف على العلاقات السببية بين الحوادث الناجمة عن الطرق، ومعدلات الفاقد البشري، ووضع حلول مجدية لها، من شأنها إن لم يكن القضاء على حوادث الطرق الحد من نسبة ارتفاعها. يستلزم قطاع الطرق السعودي، تأسيس مقاربة نظرية لهذه القضية، كي لا تحدث قطيعة بين الطرق وبقية الخدمات المتاحة للإنسان السعودي، وحتى لا تظل مسألة الطرق تدور في نطاق ضيق، لا يتماشى مع منظومة القيم الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية السعودية. [email protected] فاكس: 014543856 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 106 مسافة ثم الرسالة