قبل أشهر، التقيت بالصدفة بأحد الأصدقاء من الأعزاء والذي تربطني به علاقة فكرية وأخوية قديمة، وهو أكاديمي مميز وعلم من أعلام الأدب والثقافة في بلادنا غني عن أن يعرف .. كان اللقاء قد تم خلال وليمة تكريمية أقامها خادم الحرمين الشريفين كعادته السنوية حفظه الله على شرف المفكرين والأدباء العرب (ضمن فعاليات مهرجان الجنادرية). تداخلت وذلك الصديق في شؤون عدة، كان منها دراسة اثنين من أبنائه بالخارج في تخصصات مميزة، وحيث يقيم هو .. وقد دهشت حين أخبرني أنهم يدرسون على حسابه الشخصي.. قلت: ولكن المكرمة الملكية قد شملت الجميع؟!، أفاد باسما: بأنه سبق أن طلب انضمام أبنائه عبر الملحق الثقافي في الدولة التي يقطنها، والذي رفع بدوره خطابا خاصا إلى معالي وزير التعليم العالي تضمن بيانا بمستوى الأبناء وتفوقهم الأكاديمي، إلى جانب توصية خاصة تشيد بمشاركات ذلك الصديق، ودوره في إنجاح بعض الاحتفالات الوطنية الخاصة بالملحقية التعليمية والتي كانت تتضمن دعما ماليا أيضا.! لكن الإجابة جاءت بالرفض، وبخطاب مذيل بتوقيع سعادة وكيل الوزارة، الذي لم يخاطبه الملحق مباشرة بالموضوع ؟!. لم أستوعب الأمر، إذ لا يعقل أن يكون هناك رفض، خاصة أن المستوى العلمي للأبناء كان مشرفا جدا، وقد مضى على التحاقهم بالجامعة عدة فصول.؟! ووالدهم رجل ذو فضل ووطنية. فما كان مني إلا أن اتصلت على الفور بمعالي وزير التعليم العالي، وشرحت له الأمر، لأجد منه كل ثناء وترحاب، وطلب مني في نهاية المكالمة أن أرسل بيانا موجزا بوضع الطالبين، ووعدني خيرا، وبأن أعتبر الأمر قد انتهى. شكرت معاليه على حسن التجاوب، ودماثة الروح. في اليوم الثاني كنت في مكتب معاليه وقد اصطحبت معي كافة الأوراق الخاصة بالموضوع، حيث تسلمها مشكورا سعادة مدير مكتبه، الذي أبلغني بدوره بأن الأمر لن يحتاج إلا إلى بضعة أيام .. ويضم الأبناء إلى البعثة.! قبل أيام كنت على اتصال بذلك الصديق، وباركت له صدور أحد مؤلفاته الجديدة، وانضمامه كعضو هيئة تدريس في إحدى أعرق الجامعات العربية بدعوة من رئاستها. ثم سألته في معرض الحديث عن حال أبنائه في جامعتهم، فأفاد بأن الحال على ماهو عليه .. إذ لم يبلغ بأي موافقة أو ما شابه من قبل الملحقية .. قلت له كيف وقد وعدنا معالي الوزير قبل أشهر.. ووعد الحر دين؟.. قال ضاحكا كعادته: هو ذاك ياصديقي؟! لازالوا يدرسون وإخوانهم الأصغر على حسابي.. لا جديد ياصديقي. قلت له: لم لا تأت بهم إلى المملكة إذن ؟، هناك سكن للطلاب في كل جامعة .. أجاب: ومن سيسكنني أنا والبقية، فلا بيت لي هناك ؟!، صعقتني الإجابات .. ولم أجد مسعفا إلا الصمت. انتهت المكالمة، لكن لم ينته التساؤل .. ما الذي يحدث ياصاحب المعالي ؟. عن نفسي، أنا لا أعرف ما الذي يدور .. ! فهل من إجابة ؟. (وعجبي). * أكاديمي وكاتب سعودي www.binsabaan.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 215 مسافة ثم الرسالة