كلنا بالطبع يعلم بأن التعليم هو البوابة الوحيدة التي تفضي إلى النهضة والتنوير، وبدون التعليم لن نذهب إلى أي مدى، ونحن نعلم بأن الدول التي استطاعت أن تزحزح لها مكانا مهيبا في عالمنا المعاصر، إنما استطاعت أن تفعل ذلك عبر برامج تعليمية مصممة وفق أسس علمية وبرامج واضحة، وأنها قد خصصت في ميزانياتها العامة قدرا معتبرا للأبحاث العلمية، ولا أدري هل أحتاج لتذكير القراء بالفارق الواضح والفاضح بين ما ينفقه الكيان الإسرائيلي على الأبحاث العلمية، وبين ما تنفقه الدول العربية مجتمعة ؟! . هذا الفارق يشكل فضيحة في حقنا، هذا ما أقوله باختصار. ولكن حينما يأمر خادم الحرمين الشريفين ويصدر أمره الكريم بأن يكون كل أبناء الدولة أعزها الله في أمريكا وكندا ونيوزلندا واستراليا بالدراسة تحت نفقة الدولة. فهذا مما يطيب الخاطر، ويهدئ النفوس، ولكن أهم من ذلك، فإن هذا القرار الملكي يعكس مدى عمق وإدراك وإرادة ولي الأمر في تنفيذ مشروعه الإصلاحي النهضوي، ذلك أن النهضة والإصلاح في حياة الأمم لايمكن أن تقوم لها قائمة دون التعليم. ذلك ما يريد لنا خادم الحرمين الشريفين أن نتعلمه كدرس أول. وإلا فما معنى هذه الخطوة ؟. حين تحتضن الدولة وتفرد جناحيها على أبناء المملكة الذين يدرسون في الخارج ، فإن الأمر الملكي يعني بشكل مباشر، لا لبس فيه، أن هؤلاء الأبناء والبنات هم بذور نهضة تغرسها المملكة من أجل تقدمها وارتقائها وأنها حريصة عليهم، وتدخرهم لمستقبل الوطن. أوليس هذا هو النهج الإصلاحي الصحيح ؟! أن تعول في مستقبل الوطن على تعليم أبنائه وبناته، وأن تبذل في سبيل تأهيلهم كل ما يمكنك ؟. مثل الجميع أنا أعلم بأن التعليم هو الاستثمار الأمثل، سواء للأسر أو للمجتمع أو للدولة، وهذا مادفع قيادتنا الرشيدة أعزها الله أن تصدر هذا الأمر الملكي الكريم. وقبل هذا وذاك فإن المليك قد أعلنها صراحة حين أصدر أمره الكريم بمشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم، هذا المشروع المتكامل الذي استهدف إجراء إصلاحات تربوية وتعليمية، ووضع أسسا جديدة للسياسة التعليمية في المملكة، لتحقيق البنية التحية للتنمية المستدامة وبناء اقتصاد معرفي يسهم في دفع عجلة التطور في المملكة الغالية. ولأهمية المشروع فقد شكل المليك لجنة لمشروع تطوير التعليم العام، جعل على رأسها ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي قال: «نحن اليوم على أعتاب تحول جديد في تأكيدنا وحرصنا على أن نخوض تجربة نوعية جديدة في تطوير برامجنا وخططنا وكوادرنا البشرية وتجهيزاتنا الفنية بما يحقق هدف الارتقاء بنوعية التعليم والتدريب والارتقاء بجودة المخرجات في جميع المؤسسات».. توجه ولاة الأمر هنا واضح ولا يحتاج إلى اجتهاد لتأكيده، وتكفي مراجعة سريعة لما خصصه خادم الحرمين الشريفين في الميزانيات الماضية منذ توليه مسؤولية الدولة للتعليم والخدمات الاجتماعية، حيث نجدها دائما تحظى بالقدر الأكبر من الموازنة المالية للدولة، فماذا يعني هذا؟. ما الذي يدل عليه هذا الأمر الملكي؟. هل يستوعب المسؤولون التنفيذيون في ملحقياتنا الثقافية والتعليمية في الخارج الأبعاد الإستراتيجية لسياسة الدولة؟، ولهذا الأمر الملكي الكريم؟.. هنا السؤال، لأنني أشرت من قبل وفي أكثر من مقالة إلى أنهم يتعاملون مع أبنائنا كما لو كانوا «طرارين» !، إنهم لايعيرونهم بالا، وقد شاهدت بعيني شيئا من ذلك، ولا أريد أن أسهم في تفاصليه. حسنا.. لدينا الآن قيادة لها توجه استراتيجي واضح، وهو الرهان على المعرفة والعلم، ولكن هل لدينا بالفعل مسؤولون على هذا المستوى من الفهم ؟.. هنا تكمن المشكلة. * أكاديمي وكاتب سعودي www.binsabaan.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 215 مسافة ثم الرسالة