الحكم على التجربة قبل مشاهدتها يعد توقعا أو تخمينا مبنيا على قاعدة: يا تصيب يا تخيب، وفي معاشنا اليومي نعشق بشكل جنوني الدخول من بوابة «الحكم وفقا للسمع» وليس المشاهدة أو المعايشة والتجربة، والسبب يعود إلى الثقافة الشفهية الحاضرة في غالبية تشكلاتنا الاجتماعية، أما العقلاني من بيننا فغالبا ما يبالغ في بوابة «المنطق» وقراءة المقدمات التي تقوده إلى النتيجة. في نفسي «حسيكة» من حالة الاحتفاء ببعض المشاريع الإعلامية التي لم تر النور بعد، ولا سيما إن ارتبط الاحتفاء وحكم النجاح المطلق بالجهة التي تحتضنه، ولذلك نشاهد كبرى الشركات العريقة في مجال الميديا تتكتم على مشاريعها حتى لحظة الإعلان عنها أو عرض المنتج الأولي المتعارف عليه إعلاميا بال «Pilot»، وأقرب مثال عايشه عشاق الوسائط الإعلامية تكتم شركة «أبل» عن خطوط الآي باد إلى حين ظهور مدير الشركة «ستيف جوبس» أمام الملأ في عرضه التشويقي المطول الذي أعلن فيه مواصفات وأسعار وموعد إطلاق جهازه الجديد وهو بين يديه، أي بمعنى شعبي أدق «نحن لا نبيعكم الكلام»، وحتى على مستوى المسلسلات التلفزيونية الشهيرة «The breking bad» و «Prison Break» وغيرها.. لم تحو حلقاتها الأولى عنوانا لها، بل كانت تحت وصف الحلقة التجريبية أو ال «Pilot»، وذلك لقياس ردة الفعل والانطباع المبدئي، وهكذا يسير الاحتراف في العملية الإعلامية. من فترة قريبة دخل مشهدنا الإعلامي المحلي بتجربة استقطبت العديد من الأسماء الإعلامية البارزة وأحدثت إرباكا في خط القنوات الفضائية المحلية جراء العروض الخيالية التي كانت تقدم للملتحقين بركب تلك القناة إلى درجة تقديم بعض الزملاء والزميلات معاريض الاستقالة من وظائفهم الرئيسة، ليكتشفوا بعد حين وقوعهم في كمين «الطيران في العجة» ولتظهر قضيتهم مع قناتهم إلى السطح مصحوبة بالمطالبات وشعور الغبن، وتكون الإجابة «ما أحد ضربكم على أيديكم» والقانون لا يحمي المغفلين، وذات الأمر أصبح متكررا أمام حالة الانبهار بالأسماء أو الجهات في المشهد الإعلامي قبل أن تتضح خطوط التجربة أو ضماناتها. سمعنا عن القناة السعودية التي اختفت، ونسمع اليوم عن قنوات أخرى جديدة بدأ الاحتفاء بها، وهذا بحد ذاته أمر مشروع حين تولد قناة قائمة على بعد مؤسسي احترافي، لأن تكرار هذا النمط سيولد نضجا عن المشاهدين يكسر الاحتكار ويوجه البوصلة نحو عمق المجتمع السعودي الذي يمثل بيئة إبداعية خصبة لأشكال العمل الإعلامي، لكني ضد مبدأ حرق المراحل الذي سيزرع الصورة النمطية قبل مشاهدة وقائعها، وهنا المأزق!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 128 مسافة ثم الرسالة