جاء فصل الصيف محملا بقضية تتكرر سنويا وهي ملء أوقات الفراغ لدى فئة الشبان، التي تعتبر أكثر فئة مظلومة في المجتمع فلا فعاليات تشملها ولا أماكن متاحة لهم لملء أوقات فراغهم، حتى الهيئة العليا للسياحة اعترفت في مؤتمرها الصحافي أن الشبان خارج حساباتها في فعاليات صيف هذا العام مما يفتح السؤال العريض أين سيقضي شباننا أوقات فراغهم؟! وهل هناك أماكن مهيأة لذلك؟! ومن سيحتضنهم ويفرغ كثيرا من طاقاتهم حماية لهم من الوقوع في فكر التطرف والإرهاب؟!، وفي حال وجود بعض البرامج الشبابية فإنها تقليدية هزيلة وغير جذابة. «عكاظ» ناقشت القضية مع نخبة من المختصين الذين دعوا إلى ضرورة تبنيها من قبل الجهات المختصة، مثمنين دور الأسرة في الحماية الفكرية للشبان وتحصينهم من الفكر المتطرف: السلوك العملي أكد نائب رئيس مجلس الشورى السابق ورئيس الاتحاد العالمي للكشاف المسلم الدكتور عبدالله عمر نصيف أن البرامج الشبابية التي تهتم بشباننا على وجه الخصوص من أنجح الوسائل في منع الإرهاب وإشغال الشبان وتدريبهم على مهارات وسلوك راق، وإنها تدخل السلوك الإسلامي في نفوسهم بالممارسة وليس بالتلقين المحض. مضيفا: «المناهج الدراسية تنتقد بأنها تدرس بأسلوب تلقيني، بينما المخيمات الكشفية والرحلات الطلابية الهادفة هي التي تخرج السلوك العملي الذي يحتاجه الفرد». وزاد نصيف: «من خلال تجاربي في المخيمات الكشفية تجد بعض المشاركين يتغير سلوكه من اليوم الأول فيتحول من عنيف إلى هادئ، ويمكن بالتالي الإفادة من هذه المناشط في تربية الشبان والتحكم في اندفاعاتهم». ولفت نصيف إلى أن «بعض رؤوس الفئة الضالة الذين استغلوا فراغ الشبان واستقطبوهم للإرهاب لم تكن لديهم مخيمات شبابية بالمعنى المفهوم، فهم يستقبلون الشبان ويقومون بإعطاء الشبان جرعات مكثفة من الأفكار الرديئة والمضللة». مشيرا إلى أن شبان اليوم بين طرفي نقيض.. إما متزمت أو منفلت ولا يوجد هناك شبان وسط، وناشد نصيف الجهات المختصة بإيجاد برنامج وطني للاهتمام بالشبان وإعطائهم برامج عملية وإشغالهم بما هو مفيد، مؤكدا على ضرورة استثمار وقت الدراسة بإضافة النشاط اللاصفي، فلا بد من إتمام العملية التربوية والتي تعطى بطريقة ناقصة. واقترح نصيف بعقد برنامج عملي لمدة سنة يلتحق فيه الشبان ويتدربون فيه على المهارات الكشفية والعلاقات العامة والكمبيوتر وعلى التواصل والعلاقات الإنسانية ويتخرجون في البرنامج إلى الحياة فاهمين واعين، لا يستهويهم التخريب والإرهاب ولا تستهويهم الحركات الشاذة والخارجة عن المجتمع لينشأوا من جديد ليخدموا دينهم ووطنهم. مشبها ما يدعو له بالبرنامج العسكري في بعض الدول لكنه أكثر فائدة ومتعة. التحصين الفكري ودعا الأكاديمي في جامعة الملك عبدالعزيز والداعية الدكتور علي بادحدح إلى تفعيل جانب الأنشطة التي تستوعب طاقات الشبان، مؤكدا على أنها من الأدوات المهمة للتحصين الفكري، وطالب بادحدح بفتح الأبواب للشبان لامتصاص طاقاتهم في أنشطة متعددة وبإنشاء مؤسسات اجتماعية تقدم الخدمات للشابات والشبان والتي تسهم في علاج المشكلات ليرى هؤلاء النور بدلا من الإغلاق عليهم، فهذا يولد فراغا يكون له من الآثار السلبية سواء من جانب المخدرات أو الفكر المنحرف والمفاهيم الخاطئة. ورأى بادحدح أن رجال التعليم والخطابة والوعظ والإرشاد ومؤسسات المجتمع المدني والأسرة جهودهم منقوصة وبحاجة إلى تكثيف وتنسيق وتكامل، مضيفا «الرسالة كانت واضحة أن المعالجة الأمنية وحدها ليست كافية ولا بد أن نكون متوازنين من حيث معالجة الخطر، ولا ينبغي أيضا أن نكون على حال من التزكية المطلقة بأننا مجتمع كل شيء فيه جيد، وأنه لا مشكلة لدينا.. بل لدينا مشكلات ولا بد أن تكون نظرتنا أفضل في حال حدوث مثل هذه الأحداث سواء من جهة ايجابية أو سلبية». ودعا بادحدح إلى أهمية وجود تفاعل إيجابي وغرس الروح اليقظة الواعية وعدم الإسراف في التخويف، حتى لا نوجد رد فعل عكسي يفقدنا كثيرا من التوازن، وفي نفس الوقت يكون التنبيه والتوجيه لمعالجة القضايا في تربية أبنائنا وليس في قضية الإرهاب فقط بل لكل القضايا، مثل: قضية الحوار وآدابه وقضية حسن المعاملة والسماحة وقضية معرفة حقائق الإسلام بعيدا عن الأفكار المنغلقة أو المتفلتة. الأسرة أولا وركز الأمين العام للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم الدكتور عبدالله بصفر على دور الأسرة في تحصين الشبان والعمل على شغل أوقاتهم بالنافع المفيد، وقال: «إن جهود مؤسسات التعليم من مدارس وجامعات لا بد أن تتكامل مع وزارة الشؤون الإسلامية ومع الخطباء وأئمة المساجد ومع جهود الأسرة التي هي المحور والأساس»، مضيفا «إذا كان الوالدان لا يعلمان عن أبنائهما شيئا فهذا بداية الخلل، ومؤسسة الأسرة هي المسؤول فكلكم راع مسؤول عن رعيته كما قال صلى الله عليه وسلم»، ودعا الوالدين إلى ضرورة شغل أوقات أبنائهم بالنافع المفيد في فصل الصيف لحمايتهم من الأفكار الضالة وتنمية مهاراتهم. من جانبه طالب اللاعب الدولي الكابتن بدر الحقباني الأندية الرياضية بأهمية إيجاد مناشط وبرامج تسهم في شغل أوقات الشبان في فصل الصيف، مشددا على دور الرياضة في تحصين الشبان من الفكر الضال وحمايتهم من انجراف الشبان نحو هاوية المخدرات، بالإضافة لفوائدها الصحية والاجتماعية والنفسية، مؤكدا في الوقت ذاته على أهميه زيادة المرافق الرياضية ودعهما من الجهات المتخصصة حتى يستفيد منها الشبان في أوقات العطل والإجازات.