تعمد الفيفا تجاهل المشاكل التحكيمية التي سببها الحكام الدوليون، في نطاق عدم احتساب الأهداف الصحيحة أو زيادة الكروت الصفراء والحمراء على حدها اللازم، برغم الاعتذار الباهت من رئيس الاتحاد الدولي «جوزيف بلاتر» لكل من إنجلترا والمكسيك، إلا أن هذا الاعتذار جاء في الوقت الضائع، وتعد سقطة يجب تصحيحها في المستقبل باعتبار الفيفا منظمة دولية مرموقة تملك نفوذا وميزانية ضخمة وموارد مختلفة أكثر من بعض الدول النامية، لا سيما في المحافل الدولية الكبيرة والهامة والتي تحظى بمتابعة العالم أجمع، ورغم أن لجان الفيفا فضلت الصمت المتعمد والبحث عن إيجاد حلول بديلة، ونأمل أن تكون هذه الحلول مناسبة لمنع الوقوع في أخطاء كان من الممكن معالجتها وتداركها، والشيء الجميل أن المنتخبات المتضررة تقبلت الأمور بكل هدوء وحكمة، ولم تحاول أن تقلب الدنيا رأسا على عقب كما يحدث في عالمنا، وأخذت الأشياء بصدر رحب وعدم تصعيد الأوضاع أكثر مما تستحق، وليس العيب في عدم القدرة لبعض الحكام الذين تم اختيارهم بعناية فائقة، ولكن قد يكون السبب الهيبة والرهبة في هذا الحدث الرياضي الدولي. ومن حسن الطالع أننا لم نسمع «الرديح» أو تبادل اتهامات أو جعل الحكام شماعة وعدم الخروج عن الروح الرياضية، وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على أنهم يعيشون وسط عالم مختلف في كل شيء، وهذا هو سر تفوقهم وإبداعهم كونهم لا ينظرون إلى الخلف، ولكن وجهتهم دائما إلى الأمام وعمل الإصلاح الكامل، وفق المعايير الواضحة والأهداف والغايات، وبعيدا كل البعد عن المجاملات والمحسوبيات. وحدثني صديقي الأوروبي «وندرلخ» من ألمانيا، وسألني عن اكتفاء العالم العربي بممثل واحد وهو الجزائر، وهل كان هدفه الوصول فقط إلى جنوب أفريقيا أو محاولة تقديم أفضل مما كان، وقلت له: نحن في العالم العربي والخليج لم يكن لنا وجود بالمعنى الصحيح، ولكن تركنا بصمة مستديمة متمثلة في هدف «العويران»، وهذا يكفينا بأن تتحدث عنه كل الأجيال القادمة، إلا إذا كانت هناك معجزة، وانقلبت الأرض من أطرافها وتغيرت مساراتها وتبدلت مواقعها، من الممكن أن نصل إلى دور الثمانية.. يمكن بعد ربع قرن من الزمن، وأما اليابان فيقولون إنها قد خرجت بشرف، وهذا الشرف عبارة تعودنا على ترديدها في مثل هذه المواقف، وقد كان ابن همام رئيس الاتحاد الآسيوي يراهن على اليابان ليس من أجل «حب زيد ولكن نكاية في عمرو»، والواقع يقول بأنه لم يبق في الميدان إلا أصحاب القدرات الفذة الذين يقدمون أنفسهم بطريقة صحيحة بدون شعارات أو تصريحات رنانة، وحتى نصل إلى مصافهم يحتاج الأمر إلى غربلة شاملة وعامة لكل أسلوب حياتنا العربية من الروضة وحتى الجامعة، ولا نريد أن نكون متفرجين ومستهلكين ورافعين خشومنا إلى الأعلى، وكأننا توصلنا إلى ما عجز عنه الآخرون. [email protected]