يرى عضو مجلس الشورى الأسبق الدكتور بدر كريم أن في هذا الزمن رمضان أصبح هو قضية الناس، ليهرب هو منهم إلى الإعلام الذي اتخذه زوجة وصديقة منذ سنين طويلة. أما رمضان اليوم فهو في نظره «قضية تشغل اهتمام كل إنسان تسير معه من الحضانة إلى الشيخوخة، المتنافسون كثر والمتضايقون أكثر، ولذلك أخذت الشقة بين الإعلام والجمهور تتسع وتكبر». في ما يأتي حوار مقتضب معه. منذ متى بدأت تصوم رمضان؟ - عندما كان عمري تسع سنوات. هل كان ذلك بدافع شخصي منك أم من الأسرة؟ - رأيت كل من في البيت لا يأكل، ولا يشرب، فقررت السير على منهجهم. ماذا تتذكر من رمضان في عمرك الإذاعي؟ - برنامج «ضيف الليلة». هل أنت صاحب فكرته، أم أن أحداً اقترحه عليك؟ - الفكرة تنبت أولاً في ذهن المفكر، لكنه لا يعدم إضافات عليها من آخرين. جيل اليوم من مستمعي الراديو، لا يعرفون شيئاً عن هذا البرنامج، فماذا تقول لهم عنه؟ - هو برنامج إذاعي يومي مدته ساعة، كان يذاع من الإذاعة السعودية في رمضان بعد منتصف الليل، وفيه أستضيف شخصية سعودية، أو عربية، أدبية، أو ثقافية، أو اجتماعية، أو سياسية، في حوار عام شامل يدور عن حياتها. هل صحيح أن لأول وزير إعلام سعودي جميل الحجيلان موقفاً من برنامج «ضيف الليلة»؟ - هو ليس موقفاً بقدر ما هو اختلاف في وجهة نظر... اقترحت أن يكون اسم البرنامج «سمار رمضان» وأبى هو إلا أن يكون «ضيف الليلة». لماذا؟ - لأمر مهم للغاية تبينته في ما بعد. في جملة «سمار رمضان» حرفا راء، وفي اسمي كذلك حرفا راء. ورأى الحجيلان أن هذا عيب إذاعي، فسلمت له. مَنْ تتذكر من الشخصيات التي استضفتها في البرنامج؟ - الأمير عبدالله الفيصل، الأمير سلمان بن عبدالعزيز، الأمير أحمد بن عبدالعزيز، عزيز ضياء، عبدالله بن خميس، محمد حسين زيدان، حمد الجاسر، أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري، عبدالله بن إدريس، حسين شبكشي، عبدالمجيد شبكشي، علي وعثمان حافظ، الفنانة صباح، الفنانة هيام يونس، الفنان وديع الصافي، الفنانة فيروز، الفنان فهد بلان. هل توجد عندك بعض حلقاته؟ - للأسف لا، وما هو موجود الآن في أرشيف الإذاعة السعودية، لا يتجاوز بضع حلقات، تعد على أصابع اليدين. ما الذي اختلف في رمضان الإذاعي اليوم عن رمضان الإذاعي بالأمس؟ - من الصعب عليّ أن أقوّم ذلك، وأنا بعيد إلى حد ما عن أجواء العمل الإذاعي السعودي. كيف تجد خريطة رمضان الإعلامية؟ - هناك تحسّن في الشكل، مع ضآلة في المضمون، وإذا كان هناك من تساؤل فكيف العمل على تقوية الخريطة؟ فإن السؤال المقابل هو كيف تحدد هذه الخريطة، ليس في رمضان فحسب بل في كل أشهر العام؟ الإذاعة في رمضان هل تستقطب جمهوراً من التلفزيون؟ - نعم إذا كانت تقودها إدارة تعي مسؤوليتها، وتدرك وظائفها وأدوارها في خدمة المجتمع، وتخلصت من المضايقة المعرقلة لنشاطها، ولامست الواقعية في كل ما تطرحه من قضايا. مشروع إذاعتك الخاصة إلى أين وصل؟ - تم وأده قبل أن يرى النور، وإذا سألتني ما السبب؟ فسأطلب منك العودة لشروط وزارة الثقافة والإعلام التي لا تتناسب في رأيي مع عولمة الإعلام الخاص وانتشاره في رقعة واسعة من المجتمعات، حتى إن دراسة أثبتت أنه أكثر من صدقية الإعلام الرسمي، لقد اضطررت إلى سحب طلبي بإنشاء إذاعة خاصة في مدينة الرياض، لأن وزارة الثقافة والإعلام تعامل هذه الإذاعات وفق نظام المطبوعات والنشر، وهذا يتعارض مع ما هو سائد الآن في العالم، وإذا لم يتوافر للإذاعات السعودية الخاصة نظام مستقل بذاته يحدد الحقوق والواجبات بصورة واضحة، فإن فشل هذه الإذاعات في المجتمع السعودي قاب قوسين أو أدنى. كتبت أكثر من مقال عن ضرورة إنشاء قناة تلفزيونية للشباب؟ - نعم إنني مقتنع تمام الاقتناع بحاجة الشباب السعودي لهذه القناة. انظر إليهم وقد حرموا من قناة تلبي حاجاتهم المشروعة، ولا تتركهم نهباً للضياع، وتحمي بعضهم من الوقوع في براثن الإرهاب، وتجعلهم أعضاء نافعين لمجتمعهم. في رمضان هل تتابع برنامجاً إعلامياً ثابتاً؟ - متابعتي للقنوات الإعلامية تكاد تكون ثابتة، فقد اتخذت الإعلام زوجة وصديقاً، وغالباً ما أقرأ بين ثنايا سطوره المعاني قبل الألفاظ، ولا أتعامل مع التأويلات والتخمينات والعشوائيات، والوظيفة المهمة للإعلام أن يكون عوناً للمتلقي لا عالة عليه. كيف تجد خريطة الإعلام الرمضانية؟ - إذاعياً وتلفزيونياً غزارة في الإنتاج وسوء توزيع في المواعيد، لا ينبغي أن يعتمد الإعلام في رمضان وحده على الجودة النوعية كما يرددها البعض وتترك بقية الشهور في فوضى نوعية، أتحدث هنا على وجه الخصوص عن الإذاعتين المرئية والمسموعة، إذ التوضيح ضروري للحيلولة دون الوقوع في سوء الفهم، فإن نظرة واحدة على الخريطة الرمضانية للإذاعة والتلفزيون، تجعلك تقتنع بأنها خالية من المفهوم الإيجابي الفاعل للإعلام، ويقطع بمشاعر المتلقين خطوات إلى الوراء. رمضان بين الأمس واليوم ما هي أبرز فروقه بالنسبة لك؟ - رمضان الأمس حقق الوظيفة التاريخية للثقافة التي تتطابق سياسياً وقانونياً مع حاجات المتلقي وكانت بسيطة ومحدودة ومتواضعة. رمضان اليوم هو قضية تشغل اهتمام كل إنسان تسير معه من الحضانة إلى الشيخوخة، المتنافسون كثر والمتضايقون أكثر، ولذلك أخذت الشقة بين الإعلام والجمهور تتسع وتكبر.