اعتاد الكاتب الأمريكي هنري دافيد ثورو على أن يطرح على نفسه ثلاثة أسئلة بعد استيقاظه مباشرة: «ما هي الأمور الجيدة في حياتي؟» و«ماهي الأمور التي تبهجني في حياتي؟» و«علام يجب أن أكون شاكرا وممتنا؟» فبإجابتك على هذه التساؤلات تضع نفسك في المزاج الإيجابي الصحيح لتبدأ يومك بسرور وتفاؤل ونشاط، وكأنك تزيد مخزون طاقة يومك بتلك الخواطر الإيجابية. الكثير منا ينام وهو متخم بالأفكار والهواجس المتناسلة من ضغوطات الحياة المختلفة، سلسلة من الديون والأقساط والمشاكل الأسرية والتفكير المستمر في المستقبل الغائم، تأمين متطلبات الأسرة، فكرة بناء منزل ينقذ الشخص من رعب الإيجار الفصلي أو الشهري، أشياء وأشلاء تتمدد على ذاكرة القلب وتتشعبط بعروق الروح! يستيقظ المرء هاربا من أحلام لا تقل رعبا من واقعه المكتظ بكل الأسى والإحباط، ينهض من نومه يحاول عبثا أن يكون أكثر تفاؤلا وإشراقا مع تنفس الفجر الأول وطلوع الشمس. يحاول أيضا أن يطبق نظرية الكاتب هنري دافيد ثورو فيسأل نفسه: ماهي الأمور الجيدة في حياتي؟! - فيجيب بملل جاثم: تزوجت بالأقساط وأنجبت بالجملة! ماهي الأمور التي تبهجني في حياتي؟! - بفرح مصنوع يقول: ضحكات أطفالي المبعثرين في مدارس مسائية وصباحية! وعلام يجب أن أكون شاكرا وممتنا ؟! - للبنوك طبعا وشركات الاتصالات، فعن طريقها دخلت دوامة الديون وأدمنت لعنة الأقساط، ومازلت أسيرها، أترنح من سنة إلى أخرى، ومن بنك إلى آخر! يأتي صوت (فيروز) مغسولا بشمس الحياة منبعثا من بين ركام الإذاعات الصباحية، يهدر كشلال ضوء: (نسم علينا الهوى .. من مفرق الوادي يا هوى دخل الهوى .. خذيني على بلادي) يغني مع هذا الصوت الملائكي ليعتدل مزاجه العام، ويستعيد شيئا من إنسانيته المهدورة على أعتاب الزمن الذي يجلده لوعة وفقرا. لا شيء يعدل روعة هذا الإحساس، يدخل عمله منتشيا، محاطا بالفراشات والأمنيات، يزجره مديره الأرعن: (وش أخرك؟! ما تدري أن عندك حصة أولى؟!) يلفت نظره بورقة ممهورة بختم رسمي، يخرج تفوح منه رائحة العنت، لكل عدو للجمال والتفاؤل والنبل! وإذا جن ليله يشرع نوافذه لغناء خلاق: (ليلية بترجع ياليل .. وبتسأل عن ناس .. وبسقهن ياهالليل ..كل واحد من كاس غب لك شي ليل ياليل .. وانسانا ياليل)! يغمض عينيه نشوة، وينطفئ! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 244 مسافة ثم الرسالة