بقدر ما هناك مديرون يكابدون ضد الفشل (التسيب) بكل ما يملكون من إمكانيات علمية وخبرات عملية، مستخدمين كل الوسائل والتدابير للحد من ظهوره، بل واستئصال شأفته من إدارتهم أنى استطاعوا إلى ذلك سبيلا. يدفعهم إخلاصهم وأمانتهم الوظيفية. من جديد أقول بقدر ما هناك مديرون يصنعون أو أقله يسهمون في صناعة النجاح لمرؤوسيهم، بقدر ما هناك مديرون يعمدون لصناعة التسيب والفشل لمرؤوسيهم كيلا نقول تكريسه. رب سائل مستغرب، ما مصلحة المدير من هذا المنحى؟ أقول قطعا ليست ثمة مصلحة أو فائدة للمدير على الصعيد العملي والموضوعي، بل على العكس تماما، أن ذلك السلوك يعود عليه وعلى إدارته بأكبر الضرر وليس ذلك كل ما في الأمر بل أن تبعاته تتعدى ذلك ملحقة الضرر بالمصلحة العامة بإطارها العريض. لا شك هذه الإجابة تثير الاستغراب ولعلها تبعث على الفضول للتعرف على أسباب ودوافع ذلك السلوك، وردا على ذلك نقول: إن كبرياء المدير أو أنانيته وإن شئنا هما معا تنسي المدير دوره الحقيقي لا بل قد تعميه عن الرؤية السديدة واستقامة التفكير فتجعل نظرته للأمور قاصرة فضلا عن ضيق أفقه، وعلى تلك الخلفية تأتي تصرفات المدير وأفعاله بطبيعة الحال تعسفية، فمجرد أن يطالب موظف ما بحقوقه؛ كأن يوضع في المكان المناسب لمؤهلاته وقدراته، يعتبر هذا الموظف بالنسبة لهذا النوع من المديرين متمرداً وخارجاً عن الإطار المألوف، وفي السياق حين يختلف الموظف مع ذاك المدير في وجهات النظر فيما يتعلق بمصلحة العمل، يعد ذلك تعديا وتطاولا على شخص المدير. كما ترون فتلك المطالب وغيرها الكثير ما هي إلا حقوق مشروعة ووجيهة ناهيك عن أنها تخدم الإدارة وتصب في مصلحتها، أما عن الأساليب المستخدمة والتي تحاك من قبل المدير لإيقاع الضرر بهذا الموظف أو ذاك؛ أي الذين لا يروقون لتوجهات المدير (الشخصية) تتلخص في جره واستدراجه للوقوع في بؤر التسيب وبشكل غير مباشر «مبطن» وغاية المدير من هذا السلوك العقيم حتى لا نقول أكثر من ذلك هو أحد أمرين إما لتطفيشه من الإدارة أو لإظهار فشله وإبراز عيوبه على السطح تمهيدا لنقله وربما طي قيده، والصور كثيرة لهذه الأنماط من السلوك منها على سبيل المثال لا الحصر .. وضع الموظف في مهنة أو وظيفة بعيدة عن مؤهله أو تفوق قدراته وإمكانياته أو أدنى من ذلك بكثير، فالأولى قد تشق على الموظف ويستعصي عليه أداؤها، والأخيرة تشعره بالدونية والتسفيه، وكلتا الوظيفتين أو المهام محبطة وطاردة بشكل أو آخر، وعلى الأرجح ستقوده للوقوع في الخطأ والإخفاق أو ربما الإهمال والتقاعس وما يستتبع ذلك من تأخر وغياب، وهذا ما يريده المدير ويسعى لتحقيقه، المضحك المبكي أنه حتى في حال فطن الموظف لهذا الفخ؛ أي لم ينزلق بالوقوع على قارعة طريق التسيب واجتازه بصبر وجدارة فلن ينج من بعض «المطبات» والعراقيل التي يضعها المدير على طريق ذلك الموظف لتحقيق الغاية ذاتها، فمثلا قد يلجأ لتحريض بعض زملائه وخصوصا «المتزلفين» للمدير لمضايقة ذلك الموظف بصورة أو أخرى، المؤسف حقا وجود مثل هؤلاء المديرين الذين يعول عليهم المجتمع في استزراع النجاح وتكريسه تراهم يزرعون الفشل وينثرون بذور التسيب هنا وهناك، نتمنى أن يربأ هؤلاء عن تلك الترهات، وان يضعوا المصلحة العامة نصب أعينهم وتغليبها على ما دون ذلك من أهواء ونوازع شخصية أو مصالح فردية (الشخصنة) .. وبالتوازي لا يفوتني تذكير هؤلاء الموظفين الذين قدر لهم أن يعملوا مع مديرين بهذا السقف بل لنقل الدرك من التفكير والسلوك وأقول لهم احذروا الوقوع في المصيدة، فالتسيب والإهمال ليسا حلا ولا مبررا لهم حتى لو بدر من المدير ما هو أكثر مما سبق ذكره. أضف إلى ذلك أن من موجبات صمود الموظف وعدم الانجرار للوقوع في بؤر التسيب هو تفويت الفرصة على مثل هؤلاء المديرين حتى لا يستمرئوا تلك السلوكيات لعلهم يرجعون لصوابهم ويعدلون عن ذلك السلوك أو على الأقل أن يحسوا بخيبتهم وسوء تدبيرهم. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 229 مسافة ثم الرسالة