يحكى أن شخصين ترافقا في سفر، أحدهما اسمه حظ، والآخر منطق. وعندما جن الليل بحثا عن مأوى مناسب، لكن دون جدوى، فقررا التوقف للمبيت، ثم إكمال طريقهما صباحا. اقترح المنطق أن يناما تحت شجرة، لكن الحظ قرر النوم في قارعة الطريق رغم تحذير المنطق له بأنه يعرض نفسه للخطر!! أصر كل منهما على رأيه، وأثناء استغراقهما في النوم وصلت سيارة مسرعة فحاول قائدها تجنب الاصطدام بالحظ النائم في وسط الشارع، لكنه لم يستطع وانحرفت السيارة باتجاه الشجرة، فدهست المنطق، وعاش الحظ!! جاءت كلمة «حظ» في عدة مواقع من القرآن الكريم، منها: (فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم) القصص 79 . وكذلك: (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) فصلت35 . وتشير المصادر إلى أن الحظ هو أقدار ربانية تأتي للإنسان بدون ترتيبات مسبقة منه؛ فإن أحسن توظيفها في حياته عادت عليه بالخير. أما المنطق، فهو تفكير إنساني مبني على حقائق متصلة تؤدي إلى نتائج عقلانية محكمة. كما تصف بعض الدراسات النفسية الحظ بأنه العنصر الفعال في بناء الإرادة التي تخلق لصاحبها جوا ملائما، وفرصا متاحة لتحقيق النجاح. ويمكن القول أن حسن الحظ هو المبادرة الشجاعة، والعزيمة الناشطة،والفطنة الناجمة عن الانتباه والتعلم، ومحصلة ظروف نفسيّة،وصفات أخلاقية وأدبية،ومزايا شخصية،وظروف اجتماعية،تسهم في مجملها في الوصول للأهداف والطموحات المنشودة. ويرى البروفيسور Arnoud De Meyer في كتابه القيّم The logic of luck (منطق الحظ) أن الحظ مجرد لعبة تخضع لما نتخذه من قرارات قد تخدمنا وتحقق مصالحنا،وتجعلنا محظوظين،أو العكس؛ ومن المنطق تطبيق استراتيجيات محددة يمكن أن تساعدنا لنكون محظوظين. أمّا منطق الحظ،فهو الاستفادة من ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتطوير مهارات القيادة التعاونية،والتأثير على العاملين باتباع أساليب الاقناع وروح الصداقة،لتحقيق أهدافهم وحاجاتهم،والوصول بالتالي للوفاء بأهداف المنظمة. وبذلك يصبح الجميع محظوظين. والحظ مقولة يطلقها العاجزون والكسالى،وثقافة للاتكاليين الذين يأنسون بالشائعات والنبوءات،صدقت أم لم تصدق. ويصدقوها ويؤمّلون أنفسهم بصدقها،لا لشيء سوى أنهم اختاروا لطموحاتهم السير على هذا المنوال. إنّ المنطق يفرض السعي لصناعة الحظ السعيد بالتفاؤل والعمل الجاد المخلص لتحقيق غايات الفرد والمجتمع،وعدم الركون للحظ انتظاراً لوصوله،أو الاعتقاد أنه السلاح الوحيد والأكيد لمواجهة أعباء ومتطلبات الحياة. وقد قيل: غيِّر نفسك واستعداداتك.. يتغيّر حظّك!! * جامعة الملك سعود - كلية التربية [email protected]