في فيلمه الوثائقي القصير، تساءل الشاب «علاء المكتوم» عن كيفية حل مشكلة زيادة أعداد القتلى والجرحى في المجتمع السعودي نتيجة لحوادث السير، وهو بذلك طرح تساؤلا ملحا تجاهله كثيرون من أفراد المجتمع. وقارن علاء الرسم البياني لأعداد وفيات حوادث السيارات في المجتمع السعودي مع نظيره في المجتمعين: البريطاني والدنمركي خلال السنوات الماضية، ويمكنكم تصور الفرق من خلال المشاهدات اليومية، حتى دون توثيق أو مقارنة !!. وهذه المشكلة تشبه إلى حد كبير أسطورة القاتل التسلسلي الذي يواصل اصطياد ضحاياه بوتيرة سريعة وشهية متعطشة لمزيد من الدماء، في ظل حيرة المحققين الذين لم تسعفهم قدراتهم العلمية والفكرية، لفك لغز جرائمه التي ينفذها بالأسلوب نفسه، والنمط ذاته. إن الأنظمة المرورية والإحصاءات الموثقة، ومشاهد الجثث المتناثرة، وتزايد أعداد المعاقين من شباب المجتمع، لم تفلح في التقليص من مضاعفات المشكلة وآثارها السلبية. وحتى بعد بدء تطبيق نظام «ساهر» لضبط وإدارة حركة المرور آليا وتحقيق أفضل معايير السلامة المرورية كما أعلن عنه رسميا، فما تزال كثير من الممارسات المرورية المخجلة، والتجاوزات الفجة، تعيث في الشوارع فسادا، متحدية الذوق السليم، والأنظمة المراعية لسلامة الإنسان وممتلكاته. وأود هنا الإجابة من وجهة نظري على تساؤل الأخ «علاء»، منتج الفيلم القصير ومخرجه (إرهاب الشوارع): إنها ياعلاء «ثقافة مجتمع»، وهي جزء من منظومة اجتماعية متكاملة، أنتجت قصورا في تربية كثيرين من الأفراد، وأظهرت شغفهم المرضي بتجاوز الأنظمة، وتجاهلهم العلامات التحذيرية، واستهتارهم الفاضح، وعجز تفكيرهم عن الاعتبار بأخطائهم المتكررة التي سبب بعضها عواقب كارثية، في مواجهة فشل كثير من الأنظمة التعليمة والقوانين التنظيمية، والقنوات الإعلامية الرسمية في تقويم سلوكياتهم الخطيرة.. والسؤال: لماذا دأب الأطفال في الدول المتقدمة على احترام أنظمة المرور والمشاة، ولا يحترم كثيرون من البالغين في المجتمع السعودي دور غيرهم في الصف، ناهيك عن التقيد بالأنظمة المرورية ؟!، لعلها فعلا ثقافة اجتماعية يجب أولا تغييرها، أو لعلي أقول: «تهذيبها» !!. * استشاري أمراض صدرية واضطرابات نوم