وصف عضو مجلس الشورى وهيئة التدريس في جامعة أم القرى الدكتور حاتم بن عارف العوني الشريف أن الناس يعيشون الآن مرحلة جديدة من الفقه، مشيرا إلى أن الفضائيات والمواقع الالكترونية أتاحت لهم فرصة السماع للرأي الآخر. وبين الشريف أن الوسط الفقهي في عالمنا الاسلامي شهد إقصاء داخليا يتمثل في حجب الآراء التي تخالف القول السائد وأصحابها، وهو ما لا يتفق وقواعد الشريعة التي جاءت بالتعدد والتيسير المبني على ضوابط محكمة. وانتقد عضو مجلس الشورى غياب أدب الخلاف واقعا ملموسا، في حين أن الدروس الشرعية تضج بهذا العلم الذي يعاني عدم التطبيق، معتبرا إياه بأنه من أكثر الآداب الغائبة في الساحة الشرعية، واصفا أن أحسن الناس تقريرا له هم الأسوأ في تطبيق آدابه. وعد عضو مجلس الشورى كثرة اللجوء إلى العلماء للسؤال عن أمور بسيطة مرجعها للبراءة الأصلية والفطرة جعل البعض يعيشون في ضيق من سعة الدين، معتبرا أن التوسع في مسألة الورع والمبالغة فيه وإلزام الناس به أمر لا يجوز. واعتبر الشريف خلط أحكام الدين بالعادات والتقاليد وإصدار الأحكام الشرعية بناء عليها خطأ، موضحا أن المقال الذي كتبه عن الصدع بالحق فك عنه كثيرا من القيود، وساهم في خروج كثير من أصحاب الآراء المختلفة ومنحهم الجرأة. كما كشف عضو مجلس الشورى عن تلقيه إساءات شخصية في مواقع الإنترنت ودخولا في نواياه بعد ما نشر مقاله، فربطوا اسمه بالماسونية.. فإلى التفاصيل: الآراء المتفاوتة • أصبحنا نسمع من داخل الوسط الشرعي في العالم الاسلامي آراء فقهية متجددة، إلام تعزو ذلك؟ هذه التوجهات فطرية وليست جديدة، فاختلاف الناس على هذه التوجهات موجود في طبائع الناس وفطرهم، ومنذ أن نشأ الفقه الإسلامي في زمن الصحابة، الجديد في ظهور هذه الآراء التي لم تكن معهودة في الساحة في فترة لم نكن نسمع فيها إلا صوتا واحدا ولم تتح الفرصة إلا لمدرسة واحدة، لكن المجال اتسع الآن، فالأصوات التي لم تكن تتجرأ على إبداء رأيها ولم يكن لها منابر يمكنها من خلالها أن تعلن اجتهاداتها، فصار لها ذلك الآن، وصار الوضع الراهن يسمح بطرح آرائهم. ومع وجود التجريح والاتهام للأسف الشديد من جميع الاتجاهات؛ إلا أنه صار كل صاحب رأي مقتنع برأيه يجد أنه لا يسعه السكوت، ولابد من بيان اجتهاده الذي يدين الله تعالى به، والذي يرى أنه الراجح بناء على مابدا له من أدلة. • ماسبب منع الآراء الأخرى إذن؟ المرحلة اختلفت أولا، فقبل أحداث سبتمبر لم يكن هناك فضائيات إسلامية منتشرة ولا كانت مواقع الإنترنت كما هي اليوم، وصار هناك هذا الاتصال والتلاقي والتلاقح العالمي، والذي لم يكن متوفرا كما هي الحال اليوم، وهذا أتاح فرصة السماع للرأي الآخر، ولم يعد هناك مجال لإسكات هذه الآراء. ظهور الآراء الجديدة جاء بسبب اختلاف المرحلة ولاختلاف أدوات الإعلام ووسائله، إضافة إلى أن المرحلة الحالية تحتاج إلى تنوع الآراء، فأنا أتوقع أن بعض المشايخ الذين كانوا سابقا ربما لايسمحون بهذه الآراء لعلهم لو عاصرونا اليوم لسمحوا بإعلان كثير من الآراء التي كانوا في السابق يرون أنها ينبغي أن لا تظهر وأن لا تنتشر؛ لأن المرحلة تحتاج إلى توسيع المدارك والآراء وإعطاء أكثر من وجهة نظر للحلول الإسلامية. التعصب في الآراء • هل يعني ذلك أنه كان هناك تعصب في الآراء سابقا، وانزاح ذلك الآن؟ بعض المواقف السابقة كان يشوبها التعصب، وهناك أمثلة عديدة في مسائل الخلاف المعتبر، ومع ذلك فيعتبر الكلام فيها كأنه كلام في معارضة يقينيات الشرع وثوابته، وهذا غير صحيح. المراجعات الشرعية • ولكن وجود هذه الآراء لاشك أنه مثل لدينا نوعا من المراجعات الشرعية، لكن لماذا أتت في هذا الوقت بالذات؟ أسباب المراجعات تختلف من شخص لآخر، وقد يكون من بينها زيادة العلم، فالإمام الشافعي كان له رأي ومذهب في العراق ويسميه الفقهاء فقه الشافعي القديم، وعندما انتقل إلى مصر غير رأيه في كثير من المسائل، كذلك فالإمام أحمد له في المسألة الواحدة عدة أقوال، ولكن العلماء لم يصنفوها على أنها تراجعات أو تنازلات وإنما فهموها على أنها تغير في الاجتهاد. • وهل رسخت الآراء الأحادية منع ما سواها؟ نعم، تخيل أن طالب العلم الذي كان يسمع بقضية جزئية مثل إسبال الإزار، فيسمع أنه محرم، ولا إشكال في ترجيح التحريم، فهو اجتهاد معتبر، لكنه اجتهاد غير ملزم لمن اجتهد أو قلد العالم الذي لا يرى التحريم، ثم هذا الطالب لا يسمع القول بالكراهة، وإن سمع به فيسمعه معه التشنيع عليه، ويرى عدم تقبل الاختلاف في هذه المسألة الفرعية، ويصل عدم التقبل إلى حد الإنكار على من أسبل إزاره، دون مراعاة الاختلاف المعتبر في هذه المسألة، ومع ذلك كله فهذا الطالب لم يسمع في يوم من تلك الأيام أن القول بالتحريم هو قول لقلة من أهل العلم، ولا أن جمهور أهل العلم كانوا يرون أن إسبال الإزار لا يكون محرما إلا إذا كان مقترنا بالخيلاء، وعلى رأس هؤلاء القائلون بعدم التحريم، والقائلون بالكراهة فقط الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وشيخ الإسلام ابن تيمية، وهم الأئمة الذين عاش يعظمهم، بل يكتشف أن القول بالكراهة،دون التحريم، أنه هو ما عليه جمهور أهل العلم. يتكرر الأمر على هذا الطالب مرات كثيرة، فيشعر بنوع من الخديعة، وأن هناك معلومات شرعية قد أخفيت عنه، وقد لا تكون كل تلك المعلومات قد أخفيت عنه حقّا، لكن تكرر هذا المشهد الفكري عليه يعطيه هذا الشعور، ولن نلومه في ذلك، وهذه إحدى سلبيات الرأي الواحد الذي كان سائدا، في هذه الحالة إذا لم يضبط طالب العلم مواقفه ومشاعره فقد يلجأ إلى موقف المعارضة مباشرة وتصبح ردة الفعل عنده غير سوية لمقابلة الرأي السائد. • هل يعني أن قراءته للمسائل لم تكن بقصد البحث عن الحقيقة؟ نعم ليس بحثا عن الحقيقة، وهذا ما قد حدث فعلا من بعضهم، وهو نوع من التمرد على السائد، وقد يبلغ به الغلو حد الوصول إلى 180 درجة، وقد يطلق أقوالا ظاهرها الخروج عن الإسلام نفسه، وهذا يبين خطر الانغلاق الشديد، وخطأ الإصرار على إلزام الناس برأي واجتهاد واحد، وأن هذه السياسة كان لها أثر في هذا النوع من الانقلاب غير السوي عليها. لكن الذي يقال أيضا هنا أنه ينبغي أن يكون مرجع هذه العمليات التصحيحية إلى الدليل والنظر فيه وإلى احترام العلماء من السابقين والمتأخرين وإلى تقدير من عاش في المرحلة الأولى والثانية، وألا نقوم بالنظر في الاجتهادات التجديدية من خلال تصنيف أصحابها، بل من خلال النظر في مستند تلك الاجتهادات. وإني في الحقيقة لا أميل إلى الحدية في تصوير المراحل وأصحابها، فنحن نجل العلماء الذين كانوا في مرحلة الرأي الواحد، فقد أدوا دورهم، ولربما لو عاش الذين يدعون الآن إلى الانفتاح، وقد أكون منهم، في تلك المرحلة لما فعلوا أكثر مما فعل أولئك ولربما عجزوا عن الإتيان ببعض منجزاتهم. لكن المقصود أن أولئك أمة قد خلت لها ما كسبت وعليكم ما كسبتم، فنحترمهم ونحترم منجزاتهم ونترحم عليهم، ونثق أنهم قاموا بواجب كبير مما أوجبه الله عز وجل عليهم من النصيحة للدين وللأمة، لكنهم مع ذلك غير معصومين، وقد يخطئون في بعض سياساتهم، كما أن لكل مرحلة حاجاتها وسياساتها، ولذلك فلا عصمة للأشخاص ولا للمناهج سوى منهج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي يسعى إليه الجميع. أدب الخلاف • أدب الخلاف من العلوم التي تدرس في الحلقات العلمية والدورات الشرعية، لكن ألا ترى أن واقعنا الذي نحياه لا يشهد تطبيقا عمليا لهذه الدروس؟ من المفارقات أن الجميع يقررون أدب الخلاف تقريرا رائعا، لكن غيابه في الساحة الشرعية وعلى أرض الواقع موجود، وهو من أكثر الآداب الغائبة في الساحة الشرعية، وفي كثير من الأحيان تجد أحسن الناس تقريرا له هم أنفسهم من أسوأ الناس تطبيقا لآدابه. أرجع ذلك إلى سببين : الأول: وهو من المظاهر الموجودة في كثير من المسلمين المعاصرين : وهو أنهم أصحاب كلام نظري بعيد عن التطبيق، الجميع يتحدثون عن الأخلاق الفاضلة والوفاء بالوعد وأداء أمانة الالتزام بخدمة الدين والوطن، وغيرها من الأمور التي يقرها الجميع على المستوى النظري، ولكن في التطبيق العملي للأسف الشديد لا يوجد. وهذا ناشئ للأسف الشديد عن التربية التي نشأ عليها المتأخرون من المسلمين الذين لم يعد الإسلام يمثل عندهم إلا شعارات أكثر من كونه مبادئ ينبغي أن تلتزم لتفيدهم في دينهم ودنياهم. السبب الثاني: أن أدب الخلاف ينبني على القضية الأساسية فيه، وهي التفريق بين نوعي الخلاف المعتبر وغير المعتبر.. الخلاف المعتبر له آدابه والخلاف غير المعتبر كذلك له آدابه، في موقفنا من المخالف وفي حكمه وفي أمور عديدة. • كثير من أفراد المجتمع يسألون علماء العالم الإسلامي في الفضائيات، مع وفرة علمائنا، لماذا؟ في رأيي فإن علماء المملكة لا زالت لهم مكانة داخل وخارج المملكة، ولكن الواقع أن المجتمع السعودي شعب متدين وأسئلته كثيرة، حتى لو نظرت للبرامج الفضائية التي تستضيف علماء المملكة سواء في القناة السعودية الأولى أو في قناة المجد أو دليل أو غيرها تجد أن أكثر المتصلين من المملكة. مجتمعنا متدين وكثير السؤال عن دينه، هناك أيضا ظاهرة ليست حميدة في بعض أفراد المجتمع وهي أنه يريد سماع حكم وفتوى تفصيلية حتى في الأمور التي مرجعها إلى الفطرة وإلى البراءة الأصلية، ويعيش في ضيق من سعة الدين حتى يسمع من يقول له في أمر عادي إنه حلال وجائز. • ولكن بعض هؤلاء يعتبرها نوعا من الورع؟ لو كانت حياة ذلك الإنسان يمتثل فيها الورع بالفعل مثل بشر الحافي ومعروف الكرخي وأمثالهم من كبار الزهاد لكان الأمر مستساغا، ولكن هؤلاء ربما يكونون من الذين يقصرون في الفرائض وبما ارتكب أحدهم الكبائر ثم هو يسأل مثل هذه الأسئلة، مثل هذا التصرف يدل على شخصية غير سوية. إذا كان من أهل الورع نقبل منه السؤال عن الورع، ولكن أن يكون لديه تقصير في أمور الدين الواجبة ثم يسأل عن الورع فهذا نوع من الخلل وينبغي ألا يجارى في ذلك، بل نقول له إنه عليه أن يصلح في البداية من حاله وأن يلتزم بالفرائض وأن يترك المحرمات، إذا وصل لهذه المرحلة يحق له أن يسأل عن الأفضل. الإلزام بالورع • لكن ألا ترى أننا بالغنا في إلزام الناس باتباع الأورع؟ لا شك أن هذا لا يجوز، شيخ الإسلام ابن تيمية والعز ابن عبد السلام وغيرهما قسموا الورع إلى قسمين: ورع واجب وورع مستحب، أما الورع الواجب فهو فعل الواجبات وترك المحرمات فهذا واجب على كل إنسان ولا يعذر فيه أحد، أما الورع المستحب فهو فعل المستحبات وترك المكروهات. أما أن نجعل المستحب واجبا ونلزم به الناس بحجة الغيرة على الدين وحب الخير فهذا لا يجوز لأنه لا يوجد أحد أغير على الدين من الدين نفسه، الدين الذي نزل من عند الله قسم هذه المطلوبات على هذا النحو فمنها الواجب ومنها المستحب، وقسم المتروكات إلى أن منها المكروه ومنها المحرم. هناك من يعتقدون بوجود فرق بين تحليل الحرام وتحريم الحلال، الحقيقة أنه لا فرق بينهما وربما يتساهل الناس لو وجدوا مفتيا أفتى بحرمة شيء حلال، لكنهم يشنعون على من أفتى بتحليل شيء محرم. (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب). الله تعالى وصف الحكمين بأنهما من التقول على الله كذبا وبهتانا. • مع أن الفتوى هي توقيع عن الله عز وجل؟ نعم، لذلك فإن تحليل الحرام مثل تحريم الحلال تماما ولكن الواقع الآن أن الناس لو وجدوا فقيها أفتى بحل شيء وأخطأ يكون التشنيع عليه أشد من فقيه آخر أفتى بحرمة شيء وأخطأ. والسكوت عن هذا الخلل في التصور، يجعلهم ميالين إلى التشدد والغلو. ومن طبيعة النفس البشرية في باب التعبد أنها تميل إلى التشديد، فإذا لم نقومها جنحت إليه، فإما غلت فيه، أو ضاقت بالتدين بسبب الغلو فقادها ذلك للتحلل والانفلات. • أليس التشدد يقود صاحبه إلى نقطة إفراط قصية لاحقا؟ نعم، والقاعدة الفيزيائية الصحيحة تقول لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار ومضادة له في الاتجاه. هذا صحيح حتى في الظواهر الاجتماعية والقضايا النفسية والاتجاهات العقدية والفكرية، فأي غلو يؤدي إلى غلو في الاتجاه المعاكس. كل حالة تطرف تؤدي بالمقابل إلى حالة تطرف أخرى في الاتجاه المعاكس، ولا نجاة للأمة إلا في أن ترجع إلى ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وهو حالة التوسط والاعتدال. المؤسسات الدينية • في فترة من الفترات انتقدت بعض المؤسسات الدينية، فيم كان ذلك، وما هو سبب الانتقاد؟ كان في مقال ذكرت فيه الأشياء التي انتقدتهم فيها وكان ذلك في شكل نقاط معينة مثل عدم تقبل الرأي الآخر من الخلاف المعتبر الذي ذكرناه قبل قليل، كذلك مسألة التوسع في باب سد الذرائع وهي أيضا مسألة منهجية. المسألة المنهجية الثالثة هي خلط التقاليد والعادات بأحكام الدين حيث بعض الأحكام تصدر بناء على عاداتنا في المملكة، ولا تكون لها علاقة بالحكم الشرعي، وإنما تعودنا نحن على هذا الأمر، ولذلك نظن أنه الصحيح وأن ما سواه خطأ. أضف إلى ذلك أن هناك أخطاء أخرى في أبواب من العلم عند بعض الشرعيين مثل قضية التكفير والتوسع فيه، وقضية التبديع والتوسع فيه، وقضية المرأة والتشدد حولها بمنهج لا يراعي الواقع وحاجة الناس، وكما ذكرت قبل قليل مسألة الأخذ بالأورع والأحوط وعدم الفتوى الصريحة الواضحة بالحل والحرمة فيما يجب فيه التصريح بذلك. • ولن تخشى هذه السطوة التي عمت على الكثيرين؟ أما من العلماء، فهم أورع وأعلم من أن يعتدوا على من خالفهم، مهما حصل. كما أن مضمون المقال أقوى وأحق من أن يصده أحد، ولذلك فإني وجدت عددا من الفتاوى والمواقف برزت بعد مقالي، فكأن مقالي قد زاد من اتساع فتحة باب الشجاعة على إبداء الاجتهادات أكثر مما كان عليه قبله. وأنا أعلم أنه كم من شخص يحمل نفس هذه التوجهات نحو اجتهادات مخالفة للسائد ولكنه كان يخشى. • وهل واجهت ردود أفعال عكسية؟ لا شك في ذلك وهو موجود في مواقع الإنترنت ولا شك أنك اطلعت عليها وجاءتني مقالات كثيرة ترد علي وفيها إساءات شخصية وكنت أتوقع ذلك كله وأكثر منه بمجرد أن فكرت في كتابة هذا المقال. • هل هذه حقيقة وسطنا الشرعي؟ هذا الذي يحزن، وهو غياب الأخلاق بين بعض من حملة العلم الشرعي. فمن دخول في النيات، إلى أوصاف قبيحة، إلى كذب وافتراء. الفجور في الخصومة • ألا يعتبر ذلك نوعا من الفجور في الخصومة؟ نعم، نفس من يقولون هذا الكلام كأنهم دخلوا في قلبك، وقرؤوا خطرات القلب. أحدهم كتب تعليقا على مقال لي، فذكر اسمي وانتقدني بأبشع الأوصاف ثم قال: ما هي علاقة حاتم العوني بالماسونية؟ • من تلوم في ما حصل لك؟ أنا ألوم بعض العلماء لأن هؤلاء الطلاب يمثلون مدارس معينة ولو أن هؤلاء العلماء عندما اطلعوا على هذه المقالات قالوا لأولئك الطلاب: اتقوا الله وطالبوهم بأن يردوا على مقالي بدون الدخول في النيات ودون شخصنة القضايا أو ودون مخالفة آداب العلم. لو قالوا ذلك لطلابهم لامتنع هؤلاء عما فعلوا. إذا كان هناك سكوت فهذا يعني التأييد على هذه التصرفات التي لا ترضي الله عز وجل. قد يقول البعض إن شيوخهم لم يطلعوا عليها، وهذا النفي المطلق غير مقبول، فلا أتصور أن الجميع كان يخفى عليه كل ما كان يحدث في الساحة. فإن كانوا جميعا يجهلون ما يحدث في الساحة العلمية، فهل سيتغير موقفهم بعد بياني هذا لهم؟ • هناك شرعيون يدعون للتشديد في قضايا المرأة، لكننا لانرى مبادراتهم، ماتعليقك؟ لا أستطيع التعميم على الجميع، ولا شك أن السائد هو المنع فقط دون إعطاء حلول. أذكر أننا عندما راجعنا قضية تأنيث المحلات النسائية كان هناك رفض مطلق بدون استثناءات. الملابس النسائية الداخلية التي لا زال يبيعها الرجال حتى اليوم، هل تعلم أنه في أمريكا وفي أوروبا أن القانون في بعض تلك الدول والولايات يمنع أن يبيع الرجل الأشياء الخاصة بالمرأة لأنهم في تلك البلدان يعتبرون أن ذلك من خصوصيات المرأة التي لا يحق للرجل أن يعمل فيها. إذا كان هذا هو الحال في أوروبا وأمريكا التي فيها من التحلل ما نعرفه لكن فطرتهم قادتهم إلى أن هذا الأمر غير سوي وغير سليم ولا يجوز أن تأتي امرأة لرجل من أجل أن يعطيها الملابس الخاصة بها والتي لا يجوز أن يطلع عليها أحد إلا المرأة وزوجها.. إذا كان الإسلام حرم أن تضرب المرأة برجلها حتى يظهر صوت الخلخال، فتخيل ما هو الضرر المترتب على ظهور صوت الخلخال؟ أحكام الإسلام جاءت بناء على العلم الإلهي بحقيقة علاقة الرجل بالمرأة، وشدة انجذابه الغريزية إليها، ولذلك حرم تعمد إظهار صوت الخلخال. فتخيل مقدار الأثر النفسي والميل الغريزي والتلاعب الشيطاني الذي سيحصل عندما تحضر المرأة بطولها وعرضها لتطلب من الرجل أن يريها الملابس النسائية الخاصة بها التي يبيعها.. • هل ترى أننا منعنا من كثير من المباحات بحجة سد الذرائع؟ لا شك في ذلك وكما قلت لك فإن هذا هو أحد أسباب النقد الذي وجهته للهيئة في مقالي السابق، ونتيجة لذلك ضيقنا على الناس كثيرا.