عزا عضو مجلس الشورى الدكتور حاتم بن عارف الشريف أسباب الغلو إلى سببين رئيسيين، هما الجهل "سبب علمي"، والتعالي والغرور "سبب خلقي"، ويجب علاجهما من خلال العلم والتواضع والمسكنة، ولا يصح الاستهانة بأحد أعلام الأمة بسبب الغلو. وقال الشريف، خلال محاضرته "الغلو .. الجذور والمنابع"، ضمن ندوة "الأمن الفكري وأثره الديني والدنيوي"، التي نظمها فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والمساجد والدعوة والإرشاد في الأحساء، مساء أول من أمس، في قاعة المناسبات بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الهفوف: إن التكفير والتبديع والتفسيق بغير حق من أبرز مظاهر الغلو، وإنها ليست من مسائل الاجتهاد، ولا ينبغي التساهل فيها، وإن كل أمر خالف اليقين فهو منكر، ولا يصح للإنسان أن يبادر بوصف الآخر بالكفر والبدع والفسق، وينبغي أن تكون تلك الأوصاف بأحكام قضائية صادرة من أهل حكم التنفيذ والإفتاء ولا يترك ذلك لأي أحد لخطورة الأمر – على حد قوله-، موضحاً أن الحكم على أحد الأشخاص بالفسق حكم عميق ودقيق، يستلزم النظر إلى جميع جوانب ذلك الشخص وليس بعض تلك الجوانب، لأنه يترتب عليها أمور عديدة من بينها رد شهادته. وأكد الشريف أن الميل إلى التشدد في الأحكام، مظهر آخر من مظاهر الغلو، مبيناً أن المغالي لديه ميل فطري لاختيار الأمور المتشددة في الأحكام دون ضوابط علمية، فتجده يختار الوجوب على الاستحباب، والتحريم على الكراهية، لافتاً إلى أن ذلك أمر خطير، وأن عموم الناس فيهم ميل إلى التشديد لأنه فيه إشعار بالتكليف، حيث إن الكثير يقتنع بالفتوى المحرمة على الفتوى الحلال لنفس المسألة الشرعية، ويتولد في ذهن ذلك السائل أن صاحب الفتوى المحرمة أكثر ورعاً وتقوى، مشددا على عدم جواز الإنكار في مسائل الاجتهاد. واستعرض المحاضر، خلال محاضرته، حزمة من صور الجهل والتعالي وعلاقتها بالغلو، التي من بينها الظاهرية وضعف الفقه في التعامل مع النصوص الشرعية، وأن أهل الغلو يحلون لبس ثوب أنهم الأسعد حظاً بالنص، وعدم التفريق بين مسائل الاجتهاد التي تسود فيها وجوه الاختلاف، ويترتب على ذلك القطع في صواب بعض الأقوال، وكذلك الخلط بين مسائل الفقه والعقيدة والأصول والفروع، بالإضافة إلى عدم العلم بالخلاف الذي وقع بين العلماء، مستشهداً بتسرع بعض طلبة العلم في قولهم عبارة "أجمع العلماء"، وهي في غير محلها بسبب عدم علمه بخلاف بعض العلماء حول تلك المسألة الشرعية، ومن بين الصور الأخرى، اعتقاد المغالي أن طائفته أو جماعته أهل الحق وهم يمثلون الوسطية، وتحديد أسباب النجاة بغير الحدود الشرعية.