خمسة عقود ونيف من الزمان قضاها ذلك الكهل في قيادة السيارة تجول من خلالها بين الأزمنة والأجيال التي تولت مقود المركبات ما دعاه لمراجعة الماضي ووضع ورقة للمقارنة بين جيلين كره الأول القيادة لأن الجيل الجديد أساء لها. يذكر عمر فازع اللحياني، أن مكةالمكرمة أول مدينة في المملكة تنشأ فيها إدارة للمرور، حيث كانت ملحقة بمبنى الشرطة إلى جوار مقابر المعلاة اليوم «تقدمت لاستخراج أول رخصة في عام 1376ه وأذكر أن السائقين الراغبين في الحصول على الرخصة يتواعدون في برحة في شاعر الستين في مكةالمكرمة الذي يعتبر اليوم من أشهر شوارع مكة التجارية، حيث كان يتقدم مهندس ويغرس 24 سيخا في الأرض ثم يتقدم السائق للاختبار بقيادة سيارة شفر موديل 54، ويمر بين الأسياخ بحيث لا يقترب منها، تتخللها منعطفات يصل عددها إلى ستة، وأذكر أن السائق يدفع عشرة ريالات في حالة نجاحه، فيما يدفع خمسة ريالات إذا رسب ويعود مرة أخرى للاختبار». يتوقف اللحياني عن الحديث فجأة ليعود ملتقطا أطراف الحديث بعد تنهيدة عميقة على ذكرى الماضي الجميل، يقول «كان مهندس يرافق السائقين المجتازين للاختبار الأول وسط البلد في برحة القشلة لبدء الاختبار الثاني، ولعل من أهم الصعوبات التي نواجهها هو الوقوف في وسط طلعة في مكة في حي الششة تسمى طلعة حامد أزهر، بحيث يطلب المهندس المرافق إيقاف السيارة تماما ومن ثم التقدم بها وفي حالة رجوعها إلى الخلف يرسب المتقدم». ويؤكد اللحياني أن الحصول على رخصة القيادة في ذلك الوقت ربما يصل إلى درجة الحصول على درجة الدكتوراة اليوم من فرط صعوبتها وحاجة الناس إلى السائق الذي يأتي قديما في مرتبة قائد الطائرة. اللحياني يزهو بأنه يحتفظ برخصة القيادة كوثيقة مهمة لم يفلح تنقله من أكثر من موقع وعلى مدار 50 عاما من أن يفرط فيها، حيث حملت الرخصة تعليمات تجسد خطاب وطبيعة حياة الأمس، حيث تضمنت التعليمات فيها معاقبة سائق السيارة بمبلغ 110 قروش وبالسجن أسبوعا في حالة قيادة السيارة بدون رخصة أو استعمال الرخصة من قبل الغير أو السير في طريق ممنوع أو عدم توقفه عند مراكز الشرطة، فيما يدفع المخالف 55 قرشا ويسجن أربعة أيام في حالة السير بدون نور خلفي أو على التوقف على اليسار أو عدم إيقاف المنبه عند نفور الجمال أو عدم إشعار مراكز الشرطة بوجود سيارة صادفها معطلة في الطريق أو عدم التوقف عند مرور المواكب الرسمية. ويعلق اللحياني أن ملامح هذه المخالفات وقوتها انعكست على المشهد العام للشوارع، حيث يندر أن تحدث الحوادث فكانت التعليمات مخيفة وكافية لتأديب السائقين. ويؤكد اللحياني أن كثيرا من السائقين ممن مارسوا قيادة السيارات قديما كرهوا قيادتها اليوم بسبب التهور والعنف والسرعة وعدم إعطاء حق الطريق.