في «عكاظ» يوم الأربعاء الماضي (5/6/1431) طالعنا خبر مفاده أن مائة عامل تجمهروا أمام مكتب العمل في المجمعة، يطالبون الشركة التي استأجرتهم بمرتباتهم المحتجزة عندها منذ تسعة شهور! حين نقرأ خبرا كهذا تتداعى إلى الذهن أمور كثيرة، قد لا تكون متعلقة بالتأمل في غياب قيم الأمانة ونقاء الذمة والعدل ومخافة الله وغيرها من القيم الأخلاقية التي تأبى على صاحبها الظلم وبخس الناس حقوقهم فحسب، وإنما أيضا تخيل النفس مكان هؤلاء العمال، خاصة متى كان الحال مثلهم، دخل محدود من مصدر واحد لا مصدر غيره.. تخيل نفسك كيف يكون حالك لو كنت في مثل موقف هؤلاء؟ بالرغم من أنك تعيش في بلدك وبين أهلك وأقاربك وعدد كبير من أصدقائك الذين قد تجد عندهم ما يسد حاجتك ريثما يتحسن الوضع ويعود إليك دخلك المحتجز، لكن هؤلاء يعيشون في بلاد غريبة عنهم لا أهل حولهم ولا أقارب ينجدونهم وقت الشدة وأصدقاؤهم غالبا مثلهم في الفقر والحاجة. من كان مثلهم على هذه الحال، ما هو المصير الذي ينتظره؟ كيف لهؤلاء العمال الفقراء العيش بلا دخل، ليس شهرا أو شهرين وإنما تسعة أشهر؟ كيف لهم أن يطعموا أفواههم وأفواه صغارهم؟ وكيف يمكن أن يتعاملوا مع الجوع متى اشتد عصره لهم؟ يقول المثل العامي (الجوع كافر) فالجائع قد يفعل أي شيء، أي شيء ليسد جوعه، وعندما يصير الجوع سيفا يزهق الروح، يستحيل حب الحياة إلى مارد مجنون يدفع بصاحبه إلى التماس النجاة في كل منفذ يتسلل منه ضوء يبشر بالبقاء على قيد الحياة. إن هذه الشركة وأمثالها حين تؤخر دفع أجور العمال، تكون هي المسؤولة الأولى عما يقع من جرائم في المجتمع بيد العمالة الوافدة. فهي لا تذنب في حق عمالها فحسب، وإنما قبل ذلك هي تذنب في حق المجتمع بأكمله، مسألة تأخر الشركات والمؤسسات والمصانع وغيرها من الجهات التي تستأجر العمالة الوافدة بأرخص الأجور وفوق ذلك تماطلهم في دفعها، ليست من المسائل النادرة، بل هي حال تتكرر مرارا، لكن لا أحد يلتفت إلى ذلك، يموت العامل المسكين جوعا ولا أحد يحس به، أو يتفاعل معه، حتى إذا ما وقع متلبسا بصناعة خمر أو بترويج صور غير أخلاقية أو متاجرا بالدعارة أو غير ذلك من الجرائم المهددة لسلامة المجتمع، تلقى العقاب وحده منفردا، وانسحبت جهة عمله سالمة، لتصيد ضحايا جدد تمارس عليهم ظلمها، فتقدم وجبة أخرى من المجرمين للمجتمع. إن من حق هؤلاء العمال الذين حرموا من حقوقهم المالية طيلة تسعة أشهر، من حقهم أن يحصلوا على تعويض من جهات عملهم عن تأخير مستحقاتهم المالية وليس فقط صرف الرواتب المتأخرة، ومن حق المجتمع أن يفرض على تلك الشركات المماطلة في دفع أجور عمالها غرامة مالية كبرى تتضاعف كلما طالت مدة تأخير دفع المستحقات المالية لأصحابها. إن العمال في مجتمعنا ليس لهم نقابة ولا اتحاد ولا جمعية ولا هيئة ترعى حقوقهم وتدافع عنهم، ومرجعهم الوحيد وزارة العمل، فماذا قدمت الوزارة لتحمى العمال؟ فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة