غياب كاتب منتمٍ لتعب الإنسان المتجذر في أعماق روح الوطن، متعبٌ للناس الذين يودعون صوته نزيفهم، ويخلطون حبره بآهاتهم التي تتحول إلى رصاص في رأس الظلم والقبح. الكاتب الصادق مع وطنه يعيش ألما مضاعفا حين يساء الظن ببوحه، أو يحمله أحد فوق احتماله، وتكون النتيجة انطفاء الأهازيج وخفوت المواويل وحزن المصابيح. نعرف أن إيقاع الكلمة أصبح مرتفعا وجميلا لدينا أجمل وأعلى بكثير مما سبق، لكن يحدث أحيانا ما لم يكن في الحسبان، ولأي سبب لا يخطر على بال، ليعود اللسان إلى الخلف وتطبق الشفتان على كلماتهما المخنوقة، ويتخثر الحبر في حنجرة القلم. «محمد الرطيان».. كتلة هائلة من طفولة الفرح ونقائه وتدفقه كأنه يتدفق من قلب لم يخدشه ألم الحياة أبدا. حين نتحلق حوله وهو يهزج بقصيدة بلهجته الشمالية العذبة، يتحول المكان إلى آهات علنية تقتحم أنفاس المساء دون خجل.. حين يطلق نكتة تتبعها قهقهاته المجلجلة، نشعر أنه لا يوجد في الدنيا شيء سوى الفرح. وأما حين يبدأ في صياغة فضة الكلام، فإننا أمام طراز نادر من الذين يجعلون كلمات مختصرة تنصهر في بوتقة، ليخرج منها خليط من الورد وقنابل النابالم وأقواس قزح وزقزقة العصافير والنصال الحادة. غاب الرطيان عنا فترة لكن حضوره لم يتوقف، ولم نشعر أنه تأزم.. فقط كان يتوق بلهفة لمعانقة قرائه. ها هو يعود.. أسعدتنا إطلالته عبر الزميلة المدينة يوم الأربعاء. عاد كما هو، بلغته الخاصة، ونكهته الخاصة.. كاتب كمحمد الرطيان لا بد أن نحزن حين يتوقف، ولا بد أن نكون في قمة الفرح حين يعود.. أهلا يا جواهرجي الفضة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة