عصابات سرية حولت حياته والكثير ممن في عمره إلى عمال بحث وتنقيب في حاويات النفايات المنتشرة في شوارع جدة، تلك العصابة حولت حياة من هم في أعمار الزهور إلى عمال حدودهم حاويات النفايات يتنقلون بينها نابشين في أكياسها، والمحصلة بعد يوم جهيد لا تتعدى 20 ريالا. لم يتعرف أكرم (ذو العشرة أعوام)، على طفولته التي يعيشها بقية الأطفال، فهو يتصيد ما يرمى في تلك الحاويات، قبل أن تسحبها معدات النظافة إلى مراميها كل يوم. يجمع أكرم من الحاويات ما يتوفر من البلاستيك فضلا عن الكراتين والمواد القابلة لإعادة التدوير كي يبيعها على أشخاص مجهولين لقاء أجر زهيد لا يتعدى ثمن قوت يومه. لم يقبل أكرم التحدث ل «عكاظ» بسهولة، لكنه غير رأيه من تلقاء نفسه «لعل أحد الموسورين ينظر حاله فيعيد إليه طفولته من جديد»، هكذا أقنع طفل العاشرة نفسه ليخرج ما في جعبته من حكايا يندى لها الجبين. ويؤكد الطفل أنه يتبع لتنظيم سري بعيدا عن أعين الرقيب وسط الشوارع العشوائية والأزقة الضيقة في أحياء الجامعة، «أخرج من منزلي عصر كل يوم مرتديا زي العمل التنكري، كي أجد الحرية في الاختباء دون أن يلحظني أحد، وأتوجه مباشرة إلى مكان أجمع فيه محصولي اليومي، ثم أسلمها لمدير العمل (من جنسية عربية)، والذي يوجهني إلى الشارع الذي يجب علي التنقيب في حاوياته مقابل 20 ريالا». ويشير أكرم إلى أنه ليس وحده الذي يعمل بهذه الطريقة، إذ يوجد الكثير من الأطفال الذين يتم استغلالهم في وضح النهار، وسط غياب جمعيات حقوق الإنسان والطفل وغيرهما من المؤسسات التي تحمي الطفولة من التعرض للضرر اليومي. «عكاظ» عرضت هذه القضية على مدير عام مشاريع النظافة في محافظة جدة محمد الغامدي، فأرجع نبش الحاويات إلى «تقصير واضح للجهات المعنية بمراقبتها»، مشيرا إلى أن هذه المشكلة ستناقش ضمن ورشة عمل نهاية الأسبوع الجاري وسترفع توصياتها للجهات العليا لاتخاذ ما يلزم.