«بلا إحم ولا دستور» شن مجموعة من القراصنة المحتسبين «على ما يبدو» هجوما شرسا على بريدي الإلكتروني، يتزعمهم «أبو عزيز» الذي أشغل الزميل خلف الحربي لأشهر، و«أبوعزيز» يعتبر رحمة إذا ما قورن ب «فيصل فيصل» الذي اقتحم بريدي الإلكتروني بجيش عرمرم من الرسائل الهوتميلية في غزو غاشم؛ مطالبا بالإطاحة بعدد من رؤوس «بنو علمان» و«بنو ليبرال»، مصنفا عددا من مشايخ «بنو إسلام» ضمن قوائم المغضوب عليهم من «الرؤوس التي أينعت وحان قطافها»، ومخترعا لمذاهب جديدة أسماها المذهب «العبدو خالي» والمذهب «القيناني» نسبة إلى مؤسسيهما الزميلان عبده خال وقينان الغامدي، والذي يرى فضيلة القرصان المحتسب أنهما خالفا الصحيح وانحرفا عن النهجين القويمين المذهب «الأبو عزيزي» والمذهب «الفيصلي فيصلي»، ولا بد من القضاء عليهما وأتباعهما ومناصريهما من الرويبضة والأغيلمة والأعيجزة والرعاع المصنفين ضمن قائمة «هبهب بلا مذهب»!. عندما أقرأ إيميلات «أبو عزيز» أو «فيصل فيصل» أتخيل أنني أشاهد فيلم الرعب SAW، الكثير من الرؤوس المطاح بها والعيون المقتلعة والأحشاء المنتزعة، مطالبات بتصفية وترحيل خالص جلبي لأنه مفكر يعبر عن رأيه وهو «مجرد طبيب سوري» يعكر صفو المجتمع البريداوي. انقلاب على الشيخ الدكتور عائض القرني لأنه اختار المنهج الوسطي بدلا عن آرائه السابقة التي اكتشف خطأها وما زال يروج لها «أبو عزيز» و«فيصل فيصل»، ويطالب الأخير برأس الشيخ عائض لأنه تجرأ وقال: «لا نريد أن نحول نساء بلادنا إلى نموذج آخر من نساء طالبان»، واستمات فضيلة المحتسب «فيصل فيصل» في الدفاع وتعداد مآثر ومحاسن نساء النموذج الطالباني المتشدد، مما يوجب حسب رأيه شن حرب شعواء للإطاحة برأس الشيخ القرني. ودعوة لا إنسانية للفرح والابتهاج والاحتفال والتهليل والتكبير لرحيل «العمدة» الأديب الرمز محمد عابد الجابري يرحمه الله. والكثير، بل والكثير جدا من المطالبات والانقلابات الدموية التي يطالب بها القراصنة المحتسبون في غزواتهم الهوتميلية ضد آخرين كل ذنبهم الذي جنوه أنهم عبروا عن آرائهم بطرق سلمية اجتهادية أصاب فيها من أصاب «وله أجران»، وأخطأ فيها من أخطأ «وله أجر اجتهاده». كل شيء يمكن لك أن تجده في رسائل «أبو عزيز» و«فيصل فيصل»، إلا احترام الرأي الآخر والالتزام بأدبيات الحوار والدعوة إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، هذه لن تجدها في رسائل القراصنة المحتسبين. «أبو عزيز» و«فيصل فيصل» ليسا سوى نموذجين من المتطرفين المتشددين الذين يمارسون القرصنة الاحتسابية الإلكترونية في غزوات هوتميلية بائسة تحاول جاهدة «وليس مجاهدة» اختطاف المجتمع، و«تهكير» تفكيره، وإطباق الخناق على عقله وإنسانيته وحريته، ومصادرته لحساب تفكير تكفيري منغلق سمحنا له في مطلع ثمانينات القرن الماضي بأن ينمو وأن يتنفس وأن يصحو؛ فحصدنا ثمرة صحوته إرهابا وقتلا لم يستثننا من أجندة الموت التي تبناها طيلة عقود الصمت عليه. انتهى زمن حسن الظن في هؤلاء، وبدأ عصر جديد لا مكان فيه لأفكار «أبو عزيز» و«فيصل فيصل»، انتهى زمن الموت وبدأ زمن الحياة ولا مكان فيه للقتلة ولا لدعاة تصفية الأشخاص لأفكارهم وآرائهم. [email protected]