لصالح من يقسم المجتمع إلى تيارين متضادين يناصب بعضهما بعضا العداء، ويكيل كل طرف ومناصروه كل ما توفر له من قاموس الشتائم للطرف الآخر ما تعجز كل القواميس عن شرحه وتحليله أو بيانه إلى أي زمن يعود، وكل هذا يحدث باسم الدفاع عن الدين وتبرئة أو اتهام بعض الشخصيات أو الرموز الدينية حسب وجهة نظر كل طرف؟ يدير دفة حوار الطرشان هذا فريق يوصفون بأنهم «متطرفون.. متشددون.. ومتنطعون...إلخ»، وفريق «رويبضة.. أغيلمة.. أعيجزة.. وكفار أحيانا...إلخ»، لا توجد نقاط التقاء، لا توجد استدلالات منطقية أو مقنعة، نفتش بين ثنايا ما يحدث بحثا عما يمكن وصفه بالحوار والمناظرة العلمية المقنعة، فنجد أي شىء إلا «الحوار»! الفريق الأول الذين يوصفون بالتطرف والتشدد «شاد حيله عالآخر» مجاميع ورسائل بريدية «نتفت ريش الفريق الآخر وطلعت القطط الفطسانة فيه»، وكالت لهم كميات مهولة من الشتائم والطعون في العقيدة والوطنية مشفوعة برسائل ومقاطع فيديو تكيل المدائح لقيادات تنظيم القاعدة وانتحاريي تفجيرات إرهابيي العراق وأفغانستان، آخر هذه الرسائل وصلت على بريدي الإلكتروني معنونة ب «رجل ليس كمثله أحد»، ورغم أنني كنت قررت تجاهل هذه النوعية من الرسائل لأنها مضيعة حقيقية للوقت، إلا أن الفضول دفعني لمعرفة هذا الذي ليس كمثله أحد، فتحت البريد وإذا بمقطع يوتيوب يعظم ويقدس هذا الفريد النادر الذي لم يكن سوى الإرهابي «أبو مصعب الزرقاوي»، ويعدد مآثره النادرة في قتل الأبرياء وتفجير المسلمين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في مشروع القاعدة أو المقبور الزرقاوي. أما الفريق الثاني الذين يوصفون بالرويبضة والأغيلمة والأعيجزة «تقول طلاسم مشعوذ نيجيري توه متعلم عربي»، فلهم منتدياتهم وردودهم على ما يكتب عنهم على الإنترنت أو مواقع الصحف، ولا يتبعون استراتيجية الهجوم البريدي عادة. وهناك فريق ثالث يتداخل على استحياء في محاولات يائسة للتهدئة وتقريب وجهات النظر بين الطرفين دون جدوى. وفريق رابع مكتف بالفرجة على مايحدث «فاغر ما يدري وش الطبخة». وهكذا يظل الحوار دائرا «على حل شعره».. و «تيتي تيتي زي ما رحتي زي ما جيتي». [email protected]