نسمع ونشاهد هذه الأيام ظاهرة بدأت تظهر في الأفق تتمثل في الأغنية المنفردة أو (السنقل)، حيث شرع العديد من المطربين في تقديمها للساحة الغنائية، في عملية يصفها البعض أنها تحايل على الشركة المنتجة، فيما يرون البعض الآخر أنها حالة عودة للأغنية الطربية الأصيلة التي تفتقدها منذ زمن، ففنان العرب محمد عبده قدم أغنية منفردة وهي (سميت من شفتك)، وأيضا الفنان عبد المجيد عبد الله قدم في الأشهر الماضية عملا بعنوان (هلابش)، فيما قدم الفنان راشد الماجد مجموعة من الأغاني (السنقل) في مقدمتها (البتول) من كلمات الأمير بدر بن عبد المحسن وألحان الماجد، وتم تصويرها بالفيديو كليب أخيرا، يضاف إليها مجموعة من الأعمال (أنا ضايق) و(تسهر معي) و(ماخبروك)، إضافة إلى أغنية (الموعد الضايع) بينه وبين الفنانة اللبنانية يارا. هذا الظهور الكثيف لمثل هذه النوعية من الأغنيات دفعنا للبحث عن الأسباب الحقيقية وراءها والجدوى التي يجنيها الفنان من هذه الخطوة. بداية يقول الفنان محمد عمر: إن الأغنية (السنقل) ليست موضة هذه الأيام، وإنما هي السبيل الوحيد الذي يستطيع الفنان عبره أن يقدم عملا متكاملا وناضجا بعيدا عن صخب الشركات المنتجة التي تهدف السيطرة على أعمال الفنان وتقديمها وفق مرئياتها التي تصل لحد المزاجية في الطرح. ويصيف محمد عمر، أما حين يقدم الفنان أو الفنانة أغنية منفردة، فإنه يقدمها وفق معاييره هو، وأسلوبه هو، ورؤيته الفنية التي تمثل تفكيره ووعيه، فيما تكون في النهاية بشكل جيد بعيدا عن ظهوره بأسلوب ضعيف، لذا نجد أن هناك العديد من الأعمال التي يحرص الفنان على أن تقدم بين الحين والآخر سواء عبر الإذاعات أو الفضائيات. فيما يقول الفنان عبد المجيد عبد الله: إن الأغنية (السنقل) وجدت بالتزامن مع انطلاق السينما العربية، فقدمها الفنانون العرب في أفلامهم، وحققت انتشارا كبيرا، وثم توالت هذه الخطوات. ويضيف عبد المجيد أنها على المستوى المحلي أيضا تواجدت بشكل مكثف في الساحة الفنية، حيث تعتبر متنفسا ومحاولة لجس نبض الجمهور، كما أنها تأتي في فترات حين يكون الزمن بين الألبوم والآخر شاسعا، وتأتي أيضا في أغاني مقدمة المسلسلات (التتر)، كما أن الفنان يضطر في بعض الأحيان لتقديمها، حين يكون الألبوم مثقلا بأعمال كثيرة، ويخشى أن تتوه هذه الأغنية، فيقدمها منفردة. ويرى الفنان راشد الماجد أن الأغنية (السنقل) مهمة للغاية، وتأتي أهميتها أن الفنان يشعر بقرب هذا العمل منه أكثر من غيره، ويتولد إليه أحساس أن العمل سيكون ذا مكانة كبرى لدى الجمهور، لذا لايتوانى عن تقديمه منفردا، وهو مالمسته في أغنية (البتول) التي قدمت (سنغل)، فهي نص أكثر من رائع صاغه الأمير بدر بن عبد المحسن مهندس الكلمة بلغة شفافة رائعة، فتفاعلت مع هذا النص وتم تسجيلها، وصورته بالفيديو كليب في صحراء الأردن، كما توقعت نجح العمل فكانت أصداؤه رائعة لدى المستمع والمشاهد. فيما يشير الفنان طلال سلامة أن أغنية (السنقل) هي محاولة للتركيز على المضامين والاهتمام بها بشكل مكثف ودقيق، للابتعاد عن الكثافة في الأعمال، فقديما قدمت هذه الأعمال من خلال الأساتذة في الفن، ويأتي أولهم الموسيقار محمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش، حيث كانوا يضعون نصب أعينهم تقديم عمل سنوي، بدلا من أكثر من عمل، مما أسهم في تقديم نماذج رائعة للساحة الغنائية العربية، أما الآن فيقدم في الألبوم أكثر من عشر أغنيات، لذا يحتاج الفنان أن يقدم عملا مغايرا منفردا بين الحين والآخر. ويشير الملحن طاهر حسين أن أغنية (السنقل) لاتؤثر على طرح هذا الفنان أو ذاك، بقدر ماهي حالة توثيقية لطرح يعتبره الفنان غير قابل للتأخير، ويجد أنه يحتاج أن يكون منفردا كي لا يتأثر بأعماله الأخرى. ويوضح الملحن محمد المغيص أن ظاهرة (السنقل) عادة ما في مقدمة الأعمال التلفزيونية أو عبر فيلم سينمائي، مما يسهم في التركيز عليها بشكل مباشر من الجمهور المشاهد لهذا العمل الدرامي التليفزيوني أو السينمائي. ويضيف المغيص تقديم الأغنية المنفردة الموثقة تحمي الفنان من سرقة الفكرة وتضمن عدم السطو عليها من أحد وتخلص أصحابها من فكرة السرقة والقرصنة؛ فتسريب الأغاني على الإنترنت «ظاهرة مدمرة» يعاني منها كل العاملين في سوق الغناء والموسيقى في مصر والوطن العربي. أما الأغاني (السنقل) فهي تطرح مباشرة على الفضائيات؛ وبالتالي فهي متاحة بشكل مباشر دون الحاجة إلى سرقتها.. مؤكدا أنها الأسلوب الأمثل لإنقاذ المطربين من الاحتكار الذي تمارسه الشركات المنتجة، خصوصا أن الفنان يضع في العمل المنفرد خلاصة فكره بعيدا عن تدخل الشركة المنتجة.