أوضحت المملكة أن الرغبة الصادقة من الجانب العربي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، تمثلت في تبنيه السلام خيارا استراتيجيا، وفي تقديمه مبادرة شاملة ومتوازنة للسلام مع إسرائيل تستند على قرارات ومبادئ الشرعية الدولية، مجددة أن الاهتمام إلى هذه اليد الممدودة لايزال يقابل بالمزيد من التعنت والرفض والتعطيل من قبل الحكومة الإسرائيلية التي تتمادى في العدوان، وتستمر في انتهاك الحقوق وتوسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي، متحدية بذلك إجماع المجتمع الدولي ومنتهكة المواثيق الدولية وقرارات مجلس الأمن. وفي الاجتماع الوزاري الرابع لمنتدى التعاون العربي الصيني في حضور رئيس مجلس الدولة الصيني ون جياباو، وزير الخارجية الصيني، وزراء خارجية الدول العربية والأمين العام لجامعة الدول العربية في تيان جين جنوبي العاصمة الصينية بكين أمس، ألقى صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل رئيس وفد المملكة إلى الاجتماع كلمة نقل في مستهلها تحيات وتقدير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للقيادة الصينية وللشعب الصيني الصديق، قائلا: «لقد سعدت بلادي لاستضافتها ندوة الحوار بين الحضارتين العربية والصينية، والتي حظيت برعاية ومتابعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز». وأردف وزير الخارجية أن هذا اللقاء يجسد الرغبة والإرادة الجماعية لبناء علاقات تعاون وشراكة استراتيجية بين الدول العربية والصين تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر والتشاور الفاعل في سبيل خدمة السلام والأمن الدوليين، وتحقيق الرفاه لشعوبنا والاستقرار والنماء للاقتصاد العالمي. وأضاف أن ما تتسم به العلاقات الدولية حاليا من نشوء تكتلات متعددة ومناخات ملائمة لترسيخ التعاون متعدد الأطراف، يوفر أرضية مناسبة لتعزيز روابطنا وتعميق تعاوننا وخدمة مصالحنا المشتركة، والتطلع أن يتسم هذا المنتدى في دوراته المتعاقبة، في وضع الآليات الملائمة والخطط الفعالة لتحويل هذه الرؤى إلى واقع ملموس في المجالات والقطاعات كافة. وإذا كان ما تحقق في إطار هذا المنتدى خلال فترة قصيرة يبعث على الرضا، فإن الطموح والفرص والإمكانيات ماتزال أكبر مما تحقق خاصة في مجال المشاريع المشتركة والاستثمارات المباشرة ونقل التقنية، فحجم اقتصاد الصين والدول العربية يتيح فرصا هائلة وواعدة ومثمرة للمزيد من التعاون وبالتالي بناء علاقات استراتيجية متينة. ومضى قائلا إن المملكة تولي اهتماما كبيرا بتطوير علاقات التعاون والصداقة مع الصين، التي تشهد نموا مطردا في جميع المجالات السياسية، الاقتصادية، والثقافية، ونأمل أن تسير العلاقات العربية الصينية عامة في نفس الاتجاه. وقد أسهمت الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في المجالات المختلفة في تعزيز التعاون الاقتصادي ونمو حجم التبادل التجاري بين بلدينا الصديقين. ولا أدل على ذلك من أن الصين أصبحت منذ عام 2008 م ثاني أكبر مصدر لواردات المملكة وثالث أكبر سوق لصادرات المملكة بحجم تجارة بلغ قرابة 41 بليون دولار. وأشار إلى أن الشركات الصينية تسهم حاليا في تنفيذ مشاريع تنموية داخل المملكة بلغ عددها 100 مشروع قيمتها 44 بليون ريال. وأفاد سمو وزير الخارجية أن تطوير وتعميق العلاقات الاستراتيجية بين الدول العربية والصين، من شأنه أن يسهم على نحو فعال في معالجة المشاكل والأزمات الناجمة عن الابتعاد عن مقاصد الأممالمتحدة وعدم الالتزام بالشرعية الدولية، ازدواجية المعايير، اتساع الفجوة التنموية والتقنية بين الدول، مسترسلا في هذا الصدد أن العلاقات العربية الصينية تخدم بشكل مباشر السلم والأمن، وتعزز الحوار والاحترام المتبادل بين مختلف الثقافات والشعوب، وتعمل في سبيل بناء عالم متوازن يحترم التعدد والتنوع، ويكفل حقوق الجميع، ويكون قادرا على مواجهة التحديات المشتركة التي تواجه البشرية. وقال الأمير سعود الفيصل: «إننا في العالم العربي نقدر عاليا مواقف الصين الثابتة الداعية إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية وتحقيق السلام العادل والشامل. وحيث إن الصين من أبرز أقطاب عالم اليوم وتؤدي دورا مؤثرا في مجلس الأمن، فإننا نتطلع دوما إلى المزيد من التفعيل لجهودها في سبيل تحقيق السلام في الشرق الأوسط، ومما يؤكد لنا أهمية وفاعلية الدور الصيني الإيجابي تجاه قضايا العالم العربي مساهمتها الإيجابية في حل أزمة دارفور ومشاركتها المهمة في مجموعة الخمسة زائد واحد لبحث الملف النووي الإيراني». وخلص: «ولا يفوتني في هذا الصدد أن أجدد موقف العرب الداعي لجعل منطقة الشرق الأوسط برمتها، بما في ذلك منطقة الخليج، منطقة خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل دون استثناء، وأن أعبر عن تأييد المملكة لجهود مجموعة 5+1 لحل أزمة برنامج إيران النووي سلميا، وكفالة حق جميع دول المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وفق معايير واشتراطات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأدعو إيران إلى التجاوب بشفافية ومصداقية مع هذه الجهود».