إن إحجام أي شخص عن حضور أية مناسبة، سواء كانت بالموسيقى أو بدونها تظل مسألة شخصية تعود لرغبة وقناعة صاحبها.. لكن أن يتم ربط ذلك بعدم الجواز فإن في ذلك عدة آراء واختلافات، ولم يرد في الشرع نص صحيح وصريح في تحريم الموسيقى والغناء، وكما هو معلوم فإنه لا يجوز القطع في التحريم وعدم الجواز في المسائل الخلافية. لقد استقبل أهل المدينة الرسول صلى الله عليه وسلم بالأناشيد والدفوف، ولم ينكر عليهم ذلك، بل كان عليه الصلاة والسلام مرتاحا وسعيدا، علما بأن الضرب على الدفوف يخضع للرتم الموسيقى الذي يدخل في كافة الآلات الموسيقية، والذي بدونه يظل الدف وغيره أبكم. إن كافة الأنغام تخضع للرتم الموسيقي، سواء كانت بالحناجر أو بالآلة الموسيقية، أو في خرير المياه، أو في زقزقة العصافير، أو بالضرب على الدفوف، وسواها، حيث جميعها تنطلق من هذا المصدر وتؤدي إلى أنغام تسمى موسيقى، ولولاه لا تكون هناك أنغام لا بالدفوف ولا بالحناجر ولا بأية آلة موسيقية، لأن الرتم الموسيقي هو اللسان الناطق بكل الأنغام التي تروح عن النفس. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت. والغناء هو نوع من الترويح عن النفس.. كما ثبت بأن الموسيقى تعالج أنواعا كثيرة من الأمراض النفسية والبدنية ذات العلاقة بالنفس. لقد ورد في الحديث أن أبا بكر رضي الله عنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة رضي الله عنها وكان عندها جاريتان تغنيان، فانتهرهما أبو بكر، وقال: أمزمور في بيت رسول الله؟!، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد.. وقيل بأنه قال: دعهن يا أبا بكر حتى تعلم اليهود أن ديننا فسيح. كما صنف في إباحة الآلات الموسيقية والمعازف جماعة من أهل العلم، وقالوا بأن الغناء والموسيقى ليسا إلا كلاما حسنه حسن، وقبيحه قبيح، واختيار الحسن منه لأنه يتلاءم مع الذوق والفطرة الإنسانية، وهما كالماء والطعام نتوقف عنهما عند العبادة. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا، وتلا: «وما كان ربك نسيا».. وبالله التوفيق. [email protected]