ما أجمل الحياة الزوجية حينما تسير على خطى ثابتة، وعفة صافية، ونزاهة عالية منذ ساعاتها الأولى وانطلاقها في قافلة اللحاق بالسلف المحمود والركب الميمون، وما أشقاها إذا بنيت منذ ساعاتها الأولى على البطالة وعدم العنة الشريفة، وعدم تحمل المسؤولية، وعلى تكفف الناس. يعمد الكثير من الشباب إلى الوقوف على عتبات أبواب الجمعيات الخيرية لمساعدة الشباب على الزواج سائلين الناس حفنة من الدراهم تعينهم على تأسيس بيت في المجتمع يرجى منه خيرا فيما يستقبل من أيام الحياة، وهذه الظاهرة أرى أنها غير صحية في المجتمع ولها سلبيات كثيرة وإليكم بيان ذلك: أعلم أن البعض سيحتج في معارضته لما أقول بنصوص من السنة النبوية الشريفة ومنها: قوله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة حق على الله عز وجل عونهم: وذكر منهم، والمتزوج يرد العفاف، رواه أهل السنن إلا النسائي. وليس في هذا الحديث متمسك فإن المراد مساعدة من لم يكن قادرا على اكتساب، ثم إن هذا حق على الله وليس حقا على عباد الله. يوضح ذلك أكثر ما كان من فعله عليه الصلاة والسلام، فلم يؤثر أنه أمر الناس بالتبرع لأحد أو إعانته على الزواج، بل كان يأمر بالعمل والتكسب وعدم تكفف الناس، حتى الرجل الذي زوجه النبي صلى الله عليه وسلم المرأة التي وهبت نفسها للنبي ولم يكن له فيها حاجة قال له: اذهب فالتمس شيئا، فرجع ولم يجد فقال: ولو خاتما من حديد، فرجع ولم يجد، فزوجه إيها بما معه من القرآن، وحيث إن المقام مقام تعليم وتربية وتشريع فلم يأمر صلى الله عليه أحدا بالتبرع له كما كان يأمر بالصدقة للمحتاجين، ولم يأمره أيضا بالاقتراض من أجل الزواج، ومن هنا فإني أتمنى وأرجوا أن تهيئ تلك الجمعيات لذلك الشاب الذي يريد الزواج وهي تريد مساعدته بالمال تهيئ له مهنة لديها يعمل بها لمدة عام أو أكثر أو أقل ويصرف له راتب شهري مجزٍ تجمع له تلك الرواتب في نهاية خدمته ويعطى إياها ليتزوج بها، فبذلك نكون حققنا ما أردنا من مساعدته بطريق غير مباشر، وهيأناه لمستقبل العفة وعدم تكفف الناس، وأهبطناه إلى سوق العمل، وأحسسناه أن الأمور لا تأتي هكذا ببساطة، وأن الحياة معترك والنجاح يحتاج إلى نضال، ونكون قد حلنا بينه وبين التفكير في الطلاق في المستقبل لأن الشيء الذي يأتي بالهون عادة ما يذهب بالهون، أمور أخرى وأخرى وفوائد كثيرة يمكن الحصول عليها حينما لا نعطي الشاب المال مناولة وهكذا جزافا ليتزوج به. [email protected]