سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
انتهى ربيع عمري ولا أحد يسأل عني إلا الدهام حوار الأسبوع
هددت حكماً ومورست عليَّ الضغوط والتخويف إدارياً.. رجل الأوّليات في الرياضة السعودية عبد الله كعكي ل عكاظ:
لم أشأ أن أثقل على ضيفي، الذي يملك كل الأولويات في كرة القدم السعودية بعد أن أصبح مثقلا بذاكرة تتراجع إلى الوراء وآلام روماتيزمية أوقفت خطواته وحركته التي كانت ملء السمع والبصرعلى مدى 60 عاما.. عبد الله كعكي أول لاعب وكابتن لمنتخب المملكة، وأول حكم سعودي ينال شارة الفيفا الدولية، ويقود مباراة دولية خارج المملكة، وأول مدير لمكتب فرعي لرعاية الشباب وأول إداري مع منتخبات المملكة، وأحد مؤسسي نادي الوحدة في مكةالمكرمة، والذي كان يلقب ب«أبو حباجة» نسبة للاعب الأهلي المصري الكبير آنذاك، قال حقائق مختصرة لكنها تجيب على تساؤلات ظلت مبهمة في الوسط الرياضي.. تحدث بألم وحشرجة مبكية عن نكران أصدقائه له.. اعترف بفكرة الدنبوشي التي كانت شؤما على فريق الوحدة، ونفى علاقته بما عرف بمؤامرة الانقلاب على الاتحاد وانتقال أغلب لاعبيه للأهلي.. كشف بجرأة عن تهديدات مورست تجاه الحكام من قبل بعض المسؤولين، ووصف ما حدث من الحكمين الجمل وبدري قايا في الثمانينيات الهجرية بأنه رضوخ للضغوط والميول.. الكعكي وصف اتهامه بمجاملة الأهلي ب(الإشاعة المغرضة).. وما بين المغرب الأقصى حيث ولد، والشرق الأوسط حيث عاش، واشتهر مسافة من الحقيقة التي لا يعرفها الكثيرون، ويذكرها الرجل لأول مرة.. ولدت في بلدة الجديدة في المغرب الأقصى لأم مغربية تزوجها والدي بعد أن استوطن هناك، عندما انقطعت به سبل العودة إلى المملكة، عندما كان يسوح مع أحد أصدقائه في الدارالبيضاء؛ إثر قيام الحرب العالمية الأولى. كنت آخر العنقود لمجموعة من الأخوة والأخوات، انتقلوا كلهم إلى رحمة الله وبقيت أنتظر دوري. ولوجود بعض من أفراد عائلتنا في حي أجياد بليلة في مكةالمكرمة، فقد اضطر والدي للعودة مع أسرته فعدت معه، وكنت وقتها ما زلت في الثالثة عشرة من عمري، لكنني مغرم بكرة القدم التي سيطرت على تفكيري حتى أثناء دراستي في المدرسة الرحمانية في مكة. وجدت في اللعب لنادي الوحدة في مكة إشباعا لرغباتي بعد أن ملكت الكرة عقلي فتركت الدراسة قبل انتهاء المرحلة الثانوية، وكنت أخرج من المدرسة لألعب مباراة دون أن أشغل نفسي بالنجاح أو الرسوب في الدراسة، وفعلا غادرتها إلى غير رجعة، ولم أعمل في مهنة (الفرانة) التي اشتهرت بها أسرتنا واستمدت منها اسمنا الحالي فالتصق بنا اسم (كعكي) من صناعة الكعك، وياما حاربوني على هذا العصيان. لم نكن تجارا فقد عشنا حياة الفقر والحاجة، لكنني كنت شقيا وقد توفي والدي ووالدتي وأنا صغير. عملت موظفا في وزارة المالية، وتفرغت للعب الكرة ولم تكن هناك كرة قدم في الغربية سوى في الوحدة التي كان فريقها يلعب مع الجاوة من الحجاج القادمين إلى مكة، والاتحاد الذي كان يلعب مع فرق البوارج والبواخر البحرية؛ فكونا نحن فريق الوحدة ثم كونوا هم فريق الاتحاد، وكنا كلاعبين أشبه بالمنبوذين في المجتمع المكي الذي كان محافظا لا يعرف الكرة، فظللنا نهرب من رفضهم باللعب يوما في أجياد وآخر في جرول وثالثا في المسفلة وكانوا يقولون عنا (البدو الرحل)؛ لأننا كنا نحمل معنا أعمدة المرمى والكرة والشبكة من مكان إلى مكان إلى أن استطعنا مع أبناء بعض العائلات المكية من تشكيل فريق أسميناه المختلط لوجود جميع الجنسيات في الفريق، ثم استبدلناه بعد ذلك بالمسمى الثابت حاليا نادي الوحدة. • هذا يعني أن الوحدة تأسس قبل الاتحاد؟ نعم. • لكن لا توجد ثبوتات رسمية لهذه الأسبقية؟ الوحدة وجدت قبل الاتحاد بما يعرف ارتجاليا، أما تاريخيا فلم يكن هناك تواريخ مثبتة على الورق، لكن المعروف أن الأمير عبد الله الفيصل عندما كان وزيرا للداخلية والصحة لبى دعوتنا لحضور مباراة بين فريقي (أ) و (ب) عندما كان اسم فريقنا المختلط وتمت تسميته الوحدة بعد هذه المباراة التي أقيمت قبل عام 1347ه، ولم يكن نادي الاتحاد قد تأسس في ذلك الوقت. • وما مدى صحة أن شعار الوحدة الأحمر والأبيض مأخوذ من علم دولة إندونيسيا التي كانت تعرف ببلاد الجاوة؟ هذا غير صحيح واللون لم يكن مبنيا على هذه المعلومة. • من رافقك في تلك الفترة؟ كثير مثل حمزة بصنوي وسرور هرساني وكامل أزهر ومحمد غلام والكيفي وعبد العزيز بن حسان المعروف ب (الجرولي) وأحمد آشي ومحمد دخان وحمزة هاشم وأخرين لا أتذكرهم الآن، وكل هؤلاء كانوا يلعبون في العصر ويتحولون إلى إداريين في المساء، ولم يكن لدينا مقر نجتمع فيه سوى منزل كامل أزهر إلى جوار ملاهي جرول. • لكنكم لم تحققوا أية بطولات في تلك الفترة؟ لم تكن هناك فرق في المملكة عدا الاتحاد في جدة، والوحدة في مكة فقط، وكنا نتناوب الفوز والهزيمة من آن لآخر، ثم ظهر فريق الكواكب في الطائف ومعظم لاعبيه من ضباط وجنود منسوبي وزارة الدفاع، تلا ذلك ظهور ناديي وج ثم التضامن. • إلى أي مدى استطعت أن توفق بين لعب الكرة التي كانت عيبا في المجتمع، ورغبتك في أن تكون لاعبا في فريق الوحدة؟ كان من العيب على أبناء الأسر الكبيرة لعب الكرة، وكان الأهالي يرفضون أن يلعب أبناؤهم كرة القدم؛ لأنها تلهيهم عن المدارس والصلاة، ومن يلعب الكرة في تلك الفترة يطلق عليه (داشر)، وظل فريقا الاتحاد والأهلي يلبسان ملابس محتشمة أشبه بالبنطلون لفترة، وبدأت السراويل القصيرة (الشبيهة بالبرمودا) إلى مافوق الركبة تظهر كبديل للبنطلونات عندما أصبحت الرياضة تابعة لوزارة الداخلية مع مجيء فرق ومدربين من الخارج، ومع توسع الأمور ودخول النظام والمسؤولين بدأت النظرة تتغير تدريجيا، خصوصا أن القيادات التي تولت التنظيم كانت قيادات سلطة؛ بدءا من الأمير عبد الله الفيصل ثم خالد الفيصل ثم الأميرين فيصل بن فهد وفهد بن سلطان، واخيرا الأميرين سلطان بن فهد ونواف بن فيصل فلقيت الاهتمام والرعاية الكافية. • وإيش حكاية رد القازوز؟ كانت لغة التحدي بين الاتحاد والوحدة أن يشربونا القازوز؛ أي شراب الكولا إذا جئناهم في جدة، وكنا ننفذ الشرط نفسه، أو ما يعرف برد القازوز إذا لعبوا معنا في ساحة إسلام في مكة، ولم تكن عادة ولكنها تعتبر نوعا من التكريم المتبادل بين أهالي جدةومكةالمكرمة. • بحكم تجربتك على مدى 60 عاماً، من هو أفضل لاعب مر على الكرة السعودية؟ لا يوجد أفضل من سعيد غراب، مهارة وتأثيراً في الملعب. • يقال إن مواقفك مع المصريين أيضا لا تنسى كمهاجم؟ وحكم أيضا، فعندما كنت اللاعب السعودي الوحيد مع منتخب جدةومكة لعبنا ضد منتخب مصر، فانفردت بحارس مرمى نادي الاتحاد السكندري ومنتخب مصر الشهير (كاتو) وسألته بيدي: هل تريد الكرة على يسارك أم يمينك فاندفع نحوي بقوة فمررت الكرة من تحته لتدخل الشباك، وفزنا يومها بثلاثة أهداف لواحد ونلت مكافأة مالية كبيرة قيمتها ثلاثة آلاف ريال من الأمير عبد الله الفيصل إضافة إلى جوائز عينية، وقد اشتريت بالمبلغ سيارة وسافرت بالمتبقي لقضاء إجازة الصيف في مصر. أما موقفي معهم كحكم؛ فقد حدث أن لعب المنتخب المصري مباراة في الرياض مع المنتخب السعودي، ويبدو أن الإخوة المصريين لم يرتاحوا لحكم المباراة عبد الرحمن الموزان فاحتجوا على تحكيمه وكادوا أن يضربوه بعد المباراة، وكانت هناك مباراة ثانية بين الفريقين فاحتج المنتخب المصري على قيادة أي حكم من الرياض للمباراة ورفع الأمر للأمير خالد الفيصل فقال: جيبوا عبد الله كعكي من جدة لتحكيم المباراة، وفعلا جاءني مندوبان من قصر سموه إلى بيتي يوم الجمعة وأخذوني إلى المطار مباشرة ومنه إلى قصر الأمير عبد الله الفيصل، حيث تم تجهيز حكم آخر لقيادة المباراة فعندما شاهدني سموه قال لي: هيا البس وروح حكم المباراة، وفعلا قمت بتحكيم المباراة وأنا لا أعلم ماذا حدث من مشكلة، وانتهت المباراة الثانية لصالح المنتخب السعودي، ورغم هذا فقد أتاني كل إداريي المنتخب المصري إلى وسط الملعب بعد المباراة وحيوني على قيادتها. • ما سر علاقتك بالأهلي المصري؟ كنت أتدرب مع لاعبي النادي الأهلي القاهري عندما أسافر إلى مصر في الصيف بتوصية من الأمير عبدالله الفيصل رحمه الله، وكان في الفريق آنذاك صالح سليم والظظوي وأحمد مكاوي وغيرهم من النجوم. • علاقة الوحداويين كانت قوية بالأمير عبدالله الفيصل -رحمه الله- عندما كان رئيسا للأهلي؟ كان داعما أساسيا للوحدة ووقف معها مواقف لا تنسى، وقد عايشت شخصية سموه عندما كان وزيرا للداخلية كمسؤول، وشخصيته الأخرى عندما أصبح رئيسا للأهلي كعاشق ومسؤول. • الغريب أنك تركت الكرة مبكرا، رغم نبوغك كمهاجم في الوحدة؟ وأنا في ال24 من عمري أصبت في الغضروف وأجريت عملية أشعر بآثارها الآن مع الكبر. • السن له أحكام يا أبا سمير؟ من دون شك، والفارق واضح بين ربيع العمر وخريفه. • لكنك اتجهت إلى التحكيم مباشرة؟ شعرت بتحسن كبير بعد العملية، وكنت في فورة حماس الشباب، وفي تلك الفترة التي كان فيها الأمير عبدالله الفيصل -رحمه الله- وزيرا للداخلية ارتفعت أصوات الشكوى من الحكام الأجانب، وكان كل من يقول عن نفسه أنه حكم يدخل ساحة التحكيم دون شهادة أو خبرة، فارتأى الأمير عبد الله أن يقوم كل ناد بترشيح أحد لاعبيه القدامى ممن يفهمون في كرة القدم، وكنا خمسة أشخاص منهم يحيى رواس (البرق) من نادي الاتحاد وعبد الله غمري من فريق الثغر في جدة ومحمد طرابلسي من نادي الشبيبة في مكة وأحمد ألطف من أهلي مكة وعبد الله كعكي من فريق الوحدة، وأرسلنا إلى مصر عام 1955م، حيث أقام لنا اتحاد الكرة المصري دورة خاصة في التحكيم. • الحكم الذي تأثرت به في مسيرتك؟ الكابتن مصطفى كامل -رحمه الله- فقد كان أول حكم أجنبي يصل إلى السعودية، وكان يعمل كخبير في شؤون الرياضة في وزارة الداخلية، وهو من أشرف على دورتنا التحكيمية في القاهرة. • ما زلت تحن لمقهى الحكام؟ أي والله، كانت قهوة صالح رقبان في منطقة البلد في مدينة جدة، حيث كنا نجتمع لعدم وجود مكان لدينا كحكام، حيث نناقش في هذا المركاز كل يوم مع بعضنا شؤون التحكيم، ونستضيف فيها الضيوف واللاعبين والإداريين من بعد صلاة المغرب إلى الساعة العاشرة ليلا تقريبا، ثم يذهب كل واحد منا إلى بيته. • حكاية الميول كانت موجودة لدى الحكام؟ كنت ألمس وجودها إلى جانب الخوف من رؤساء الأندية آنذاك. • كانوا يمارسون عليكم ضغوطا؟ بالتأكيد، ولمستها شخصيا من فترة إلى أخرى بطريقة مباشرة أحيانا وطريقة غير مباشرة في أحايين كثيرة. • ما قصة قطع الأرجل التي وصفت بها بعد تحكيمك في السودان؟ رشحت من قبل الاتحاد الدولي لإدارة مباراة السودان وإثيوبيا في تصفيات أولمبياد روما عام 1957م في الخرطوم، فسمعت بأذني من بعض الجماهير السودانية أن الحكم السعودي سيحكم بالعقال والعمامة، وبعد نهاية المباراة كتب صحافي سوداني اسمه (بشير جودة) في صحيفة (التلغراف) التي كانت صحيفة يومية لكنها تصدر أسبوعيا بشكل مؤقت، قائلا: إن الحكم السعودي أنصف المباراة وحكمها (.....) واذا دعت الحاجة قطع الأرجل أيضا، وإن الحكم الكعكي خرج بشهادة العدل من المباراة. • أحرج موقف تعرضت له كحكم؟ عندما بدأت في سلك التحكيم كان بعض من زاملتهم من لاعبي الوحدة في الفريق، فحدث أن احتسبت على الفريق ضربة جزاء في إحدى المباريات، فالتف علي اللاعبون وجاءني سليمان بصيري قائد الوحدة، وقال لي: يا عبد الله انت مننا وفينا وزي ما أعطيتهم بلنتي تعطينا. • وفعلا جاملتهم؟ أعوذ بالله من ذلك، والله ما أعملها لو على رقبتي. • كيف كنت تتعامل كحكم مع بعض اللاعبين الأمراء؛ مثل الأمير خالد بن عبد الله في الأهلي وممدوح بن سعود في النصر؟ كنت أطبق القانون على الجميع دون محاباة لأحد. • ما كنت تتأثر بشتائم الجماهير في الخارج؟ إذا دخلت الملعب أتعامل مع اللاعبين والكرة فقط، وكأن المدرجات خالية من الجماهير وأطبق القرار الصحيح وأجتهد فيه. • ما القرار الخاطئ الذي اتخذته وندمت عليه؟ لم يحدث والحمد لله. • أو جاملت فيه فريقا معينا؟ لم أجامل أحدا لا حكما ولا إداريا على حساب القانون والأنظمة. • كنت أتحدث مع أحمد عيد قبل مجيئي لك فقال لي: سلم عليه وقل له: ترا التحكيم بخير؟ إيوه صادق، كل المباريات يحكمها أجانب الآن. • خليل جلال كان استثناء عندما أسندت له مباراة الهلال والنصر بعد أن عطلت السحابة البركانية وصول الحكام الأجانب؟ ويا ليته سلم من البهدلة. • تعتقد أن تأثير الحكم الأجنبي سلبي أم إيجابي في ملاعبنا حاليا؟ سلبي لدرجة لا تتصورها خصوصا في السنة الأخيرة، فقد رأينا حكاما لا نعرفهم من قبل، يعني الأجنبي أحسن مني كسعودي وأنا حكم دولي. أنا أعتقد أن الحكم السعودي أمام مفترق طرق خطر جدا؛ فإما أن يكون لدينا حكم سعودي مدعوم بالثقة أو لا يكون، أما أن تكون الأمور بهذا الواقع الحالي (بين بين) فالأمور لا تسير في خير. • لهذه الدرجة؟ بل أبعد مما تتصور، فأنا أرى في الأفق أخطر من مسألة فقدان الثقة التي يتعرض لها الحكم السعودي الذي أصبح يعامل معاملة المدرب الوطني (نأتي به عند الحاجة فقط). فما دمت حكم طوارئ والثقة معدومة، فما الذي يمنع أن يحدث ما يشبه التواطؤ في نتائج المباريات، ما الذي يمنع؟ • والحل؟ لجنة على مستوى عال توجه الحكم قبل المباراة وتسجل ملاحظاته بعد المباراة في جلسات خاصة بعيدا عن الهجوم على الحكام وإعلان العقوبات. • هل سبق أن عوقبت كحكم؟ لا أتذكر، كما أنه لم يكن موجودا في ذلك الوقت لجنة حكام، فكل حكم في منطقته. • ألم تواجه اعتداء من جماهير أو إداريين مثلا طوال مسيرتك الرياضية؟ حبي للرياضة أكبر من أن توقفه كلمات أوألفاظ شتيمة أو تصرفات خارجة عن المعقول. • أصعب مباريات حكمتها؟ الوحدة والاتحاد. • والهلال والنصر؟ حكمت لهم مباريات لكن التوتر والحساسية لم تكن مرتفعة فيها كما هي الآن. • مع أن الكثير ممن عاصروا تلك البدايات يرون أن جهود الشحن الجماهيري كانت أكبر من الآن قبل المباريات وبعدها؟ هذا صحيح، وكانت تتم بعقل ودون عقل ولدرجة لا تتصورها من الاندفاع والتشجيع الجنوني. • من الحكام الذين أثيرت حولهم تساؤلات في عهدكم الجمل وموقفه من مباراة النصر واتحاد الرياض المعادة وبدري قايا أيضا، فما إشكالية هذين الحكمين آنذاك؟ لم يكن لي فيها ضلع فقد كنت أشاهد ما يحدث من بعيد. • ورأيك في أسباب ما حدث؟ ضعف شخصية الحكم وتأثره بالضغوط ممن حوله. • لو كنت في ذلك الوقت رئيسا للجنة الحكام وحدثت مشكلة الجمل، فكيف تتصرف؟ ما دام فيها مشكلة في نظام التحكيم فقط فإن المباراة تعاد. • هل مورست عليكم ضغوط في السابق لتعيين حكام معينين لأندية معينة؟ لم نكن نعين إلا الحكم المناسب للمباراة المناسبة دون الالتفات لمثل هذه الأمور. • رغم الضغوط التي تتهرب من كشفها والتي كانت تمارسها الصحافة ورؤساء الأندية ضد الحكام؟ لا أخفيك أن الحكام كانوا يشعرون بالخوف أحيانا مما كان يحدث بعد المباريات، بل إن بعض الحكام كانوا يأتون له في بيته. • حدثت معك؟ كنت حريصا على ألا أخطئ في حق أحد. • وعندما كنت مديرا لمكتب رعاية الشباب؟ كنت أتلقى شبه تهديدات غير مباشرة (انتبه من فلان أوعلان)، لكننا لم نعر الأمر اهتماما كبيرا، فكنا حريصين على أن نفعل ما يتماشى مع النظام، وكنا نجد دعما كبيرا في ذلك من المسؤولين في الرئاسة. • أصعب مواقفك مع الأندية كمدير لمكتب رعاية الشباب؟ رعاية الشباب كانت موجودة أصلا لحل المشكلات اليومية التي تواجه الأندية من تحكيم ومدربين وغيرها، فكنا على استعداد لمواجهة أية مشكلة. • هناك من يرى بأنك حابيت الأهلاويين حكما وإداريا في رعاية الشباب بحكم أهلاويتك التي تخفيها؟ لا أعرف نفسي إلا مشجعا لنادي الوحدة، أما أهلاويتي فدعاية مغرضة ضدي. • من قبل من؟ ممن تبناها ونفخ فيها الروح. • البعض أشار إلى أن ولاءك للأهلي بدأ بعد ابتعاثك على نفقة الأمير عبد الله الفيصل لدراسة التحكيم في مصر؟ الواقع ينفي كلامهم، ففي تلك الفترة لم يكن موجودا إلا الاتحاد والهلال البحري، أما الأهلي فلم يكن موجودا كناد أصلا. • لو سمحت لي بإيضاح معالم الصورة قليلا، فالاتحاديون يعتقدون أن لك يدا في قرار انتقال لاعبيهم في نهاية الثمانينيات إلى الأهلي؟ وما دخلي أنا كمسؤول في مكتب رعاية الشباب عندما تأتيني أوراق رسمية وموقعة بالتنازل من رئيس نادي الاتحاد ومطابقة للأنظمة. • الكل كان يعرف أن المدعو (مقبول) كان يقوم بتوقيع الأوراق؟ مسؤوليتي كانت محصورة في ما يقدم لي من أوراق رسمية فقط. • ما أبرز إشكاليات الأندية التي واجهتموها في فترة الدمج؟ إن كل واحد لديه لاعبان أو ثلاثة يريد أن يكون له ناد، وفي تلك الفترة لم تكن النوادي رسمية. • وكيف حلت المسألة؟ تم تحديد عدد النوادي في كل مدينة بقرار من الأمير عبد الله الفيصل وزير الداخلية آنذاك، كالاتحاد والهلال والثغر زمان والوحدة وأهلي مكة الذي لم يستمر والعلمين، ومن الأندية التي ضمت في مكة الشبيبة والكفاح. • وما الذي ميز مراحل انتقال الرياضة من وزارة إلى أخرى التي عاصرتها إلى أن استقرت كجهاز مستقل كرئاسة عامة لرعاية الشباب؟ الانتقال من وزارة إلى أخرى لم يكن ميزة بل مشكلة دائمة لاختلاف أنظمة كل وزارة عن الأخرى إلى أن استقرت الأمور في قطاع متخصص، أضف لذلك أن الدعم كان ضعيفا وظلت العوائد المالية خجولة، لدرجة أن مكافأتي كحكم دولي في أية مباراة لم تكن أكثر من كلمتين أقرأها في الصحف، ثم بدأت تظهر لائحة المكافآت التي لم تكن تتجاوز 20 ريالا فقط لأية مباراة. • ما تكفي لبنزين السيارة؟ ولا جابت حق الشتيمة التي كنا نسمعها في كل مباراة. • ما أسوأ ما كتب عنك في الصحافة؟ هوجمت من محررين صحافيين من أصحاب الميول، لكنني لم أعرهم بالا، والغريب أنهم أنفسهم امتدحوني في بعض ما كتبوا عندما رأوا الأمور أيضا تتماشى مع ميولهم ومصالحهم. • ما الذي كان يشكله وجود رؤساء أندية مثقفين من أمثال عبد الله عريف في الوحدة، وعمرعبد ربه في الأهلي، وصالح سنبل في الشاطئ، ولماذا لم نعد نراهم الآن في أنديتنا؟ لم يكن أمام الأدباء من مجال للشهرة إلا الرياضة، فالأدب والثقافة لم يكن لهما سوق، وأكثرهم مع تقديري لجهودهم دخلوا بوابة الصحافة وتركوا الرياضة التي جاؤوا من أجلها. • لكن عبد الله عريف كان جيدا في الوحدة؟ من دون شك، لكن هؤلاء الرؤساء أصبح دورهم شرفيا عندما جاؤوا بأشخاص ليساعدوهم في مهماتهم، فلم يتحقق الهدف من الفكرة. • بصراحة، هل تعاملت مع ظاهرة الدنبوشي عندما كنت لاعبا؟ كثيرا، كان يأتينا شخص في الوحدة فيقول: ضع هذه الورقة في الشراب، وكنت أجاملهم في تفكيرهم وتصرفهم لكنني لم أؤمن بشيء منها اعتقادا، وكنا ننهزم في كثير من المباريات التي لعبناها. • على فكرة، ما الذي حدث للاعبي منتخب المملكة في دورة الخليج الأولى عندما كنت إداريا؟ كنت مرشحا للإدارة، وبقدرة قادر تم وضعي كحكم وعين الدهام إداريا للمنتخب. • لكنك حضرت المشكلة في حينها؟ كانت مشكلة إدارية بسبب ما حدث من ضرب وتشابك مع الجماهير وتدخل الشرطة البحرينية. • ودفعت بعض الأندية ثمن ذلك بانتقال لاعبيها إلى أندية أخرى منافسة؟ لم ينتقل لاعب إلا برغبته بعد الإيقاف. • في هذا السياق، هل تؤيد استمرار دورات الخليج؟ مفيدة جدا للمنطقة وتولد لاعبين وحكاما وبقاؤها ضروري ومطلب دائم، بعيدا عن موقف الاتحاد الدولي الذي لا يصنفها كبطولة رسمية تحت مظلته. • هل تتابع الوحدة؟ ولا أدري عنها من فترة، وأصبحت أتابعها من خلال التلفزيون والصحف فقط. • ما مشكلتها تحديدا؟ الوحدة تعبانة ومشكلتها ليست مادية فقط، بل إن محبي النادي فضلوا الانطواء على أنفسهم والابتعاد عن أروقته، فالكل يريد أن يكون رئيسا في الوحدة، واختفت لغة التفاهم والتضامن من أجل النادي فتفرقت بهم السبل. • ما قصة الشهادة التي حصلت عليها بتوقيعين من الأمير خالد الفيصل؟ علاقتي مع سمو الأمير خالد ممتدة ووطيدة، وقد لعبنا كرة القدم سويا في الطائف عندما كان يجمعنا كلاعبين من مكة في الصيف ويشارك معنا بنفسه، وقد كرمني عام 1388ه بجائزة أفضل حكم عندما كان مديرا لرعاية الشباب، وبعد مرور سنوات على الشهادة تغير حبرها فذهبت لسموه قبل سنتين ليعيد توقيعه عليها كمدير لرعاية الشباب فوقعها لي بتوقيع جديد تحت مسمى أمير منطقة مكةالمكرمة أيضا. • بصراحة أبو سمير، هل انقطعت بك الصلة مع الوسط الرياضي؟ ظروفي الصحية لم تعد تساعدني على بذل المزيد من الجهد والحركة، وفضلت البقاء في البيت؛ لأن آلام الروماتيزم لم تترك لي خيارا آخر، كما أن ذاكرتي بدأت تشيخ رويدا رويدا. • تفتقد أصدقاءك أو حتى من يسمونهم أصدقاء المنصب؟ كثيرا، هم وغيرهم من الأصدقاء (قالها بنبرة حزينة ومؤثرة) ثم أضاف: لاأحد يسأل عني هذه الأيام إلا الصديق المخلص عبد الرحمن الدهام الذي يتصل بي دائما.