إسلام طفل لم يتجاوز الثالثة من عمره، هو حلم والديه، كانا ينتظران قدومه بفارغ الصبر، كانا يعدان الأيام والليالي من أجل سماع صرخته الأولى في هذه الحياة، فوالده «علي» يعمل سائقا وكلما جلس خلف مقود المركبة تخيل طفله وهو يجلس بجواره وكلما لاحت في الأفق تلك الأحلام ارتسمت الابتسامة على شفتيه وفي أحيان كثيرة كان يضحك ويحمل ضحكاته معه إلى المنزل ليحكي لزوجته عن أحلامه التي كانت تشاركه نفس الأحلام، وكعادته استيقظ الأب صباحا ليتوجه إلى عمله وقبل أن يغادر منزله في جدة غرب المملكة، اطمأن على زوجته التي توشك على الولادة، وخرج ولم تمض ساعات حتى رن هاتف جواله يطلب منه المجيء بأقصى سرعة فزوجته توشك أن تلد، وبين فرحه بقدوم ضيف ينتظره منذ تسعة أشهر وبين خوف على سلامة زوجته، حمل زوجته إلى المستشفى وعلى الفور أدخلت إلى قسم الولادة ولحظات خرجت الممرضة تبشره بقدوم الضيف الجديد وعلى الفور اسماه إسلام لكن فرحته لم تدم فالطبيب الذي أشرف على ولادة زوجته أخبره أن طفله يعاني من مياه زرقاء بالعين اليسرى ويحتاج إلى رعاية طبية، وأطرق الأب رأسه حزنا على الوضع الصحي لطفله وتحولت فرحته إلى هم وركض بحثا عن علاج له، وفيما كان الأب ينتظر سماع خبر يخفف عنه معاناته، أخبره الأطباء أن آلام طفله سببها وجود أورام عصبية متعددة خلف العين اليسرى في منطقة الحجاج الأيسر ومتشعبة، وأورام ليفية عصبية تمر داخل الدماغ حول العصب الخامس المثلث التوائم ولابد من تدخل جراحي عصبي سريع، ورغم الظروف الصحية التي يمر بها ابنه لكن الأب هذه المرة استسلم، فظروفه المادية لا تساعده على السير خطوة واحدة تجاه علاج طفله.