قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام لم تكن هناك إذاعات، ولا صحف، ولا قنوات فضائية، ولا كمبيوتر ولا انترنت، ولا أية وسيلة إعلامية أخرى لإيصال المعلومات، والأخبار، والتوعية، سوى المسجد، الذي كان يقوم بكل هذه الأدوار والمهام. من خلال المسجد كان يتم إبلاغ الناس بالوحي الذي كان ينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم.. ومن المسجد تنطلق الأخبار، وتتم المناقشات، وتتم التوعية.. وتلتئم حلقات التربية والتعليم، حيث لم تكن هناك مدارس ولا معاهد ولا جامعات.. ولذلك كله كان التوجه للمسجد للحصول على كل تلك المنافع التي تهم كل الناس.. هل المسجد اليوم هو امتداد لروحية مسجد ذلك العصر العظيم، وهل نجد فيه المعلومات الحديثة والمفيدة والتوعية المواكبة لهذا العصر.. وهل الخطابة في مستوى المعالجة السمحة، وتفكير الأجيال، وهل هو في مستوى فكر المجتمع الذي بلغ في العلم والثقافة مبلغا كبيرا.. وهل ساعد في حل المشكلات الاجتماعية، وهل تطرق للمسائل المعيشية.. وغيرها من الأمور التي تهم الناس؟. مصلون يجلسون على الأرض.. فلماذا لاتخصص لهم مقاعد يجلسون عليها أثناء الخطبة إلى جانب مكان الصلاة لاسيما أن فيهم المريض والعاجز وكبير السن، ويكون ذلك أكثر تمدنا.. وإمام يعتلي المنبر وتشخص إليه الأعناق.. فلماذا لايجلس على كرسي بارتفاع معقول ليريح أعناق المصلين، أو الاستفادة من وسائل التقنية مثل شاشات التلفاز وغيرها التي يراها كافة المصلين بكل سهولة وارتياح؟. لماذا لازال معظم أئمة المساجد يمارسون رفع الأصوات والانفعالات أثناء إلقاء خطبهم وكأن المصلين مصابون بالصمم، أو أنهم لا يقتنعون بما يقولونه إلا بهذه الطريقة، بينما لو مارسوا الهدوء فإنهم يكونون أكثر قربا للعقول والمشاعر، وبالتالي أكثر إقناعا. لغياب تلك الإيجابيات المطلوبة نلاحظ تقلص عدد المصلين الذين لايجدون مايشدهم للذهاب للمسجد سوى أنه مكان( تقليدي) للعبادة يفتقد للتشويق والفائدة.. والذين يعتقدون بغير ذلك عليهم الذهاب للمساجد ليروا هذا الواقع.. لذلك لابد من تغيير ذهنية المسجد ونمطه، وإيجاد كل وسائل الترغيب التي تدفع للذهاب إليه بكل شوق ولهفة، مع الحرص على انتقاء أئمة المساجد ممن تتوفر لديهم مؤهلات الإمامة والخطابة، والعلم والثقافة والمرونة والسماحة، حتى نعيد للمسجد مجد ماضيه العظيم .. وبالله التوفيق. [email protected]