قال المتنبي في وصف الحمى التي أصابته: (وزائرتي كأن بها حياء)، لأنها كانت تزوره في الليل، ولكن الحمى اليوم عصرية ومنفتحة ولا تستحي (أصلا وين اللي يستحي؟!)، فهي تزور الناس في الصباح والظهيرة وفي منتصف الليل، ولأننا نتعامل مع بعوضة (free)، فقد انتشرت حمى الضنك في كل أنحاء جدة وطرقت بقوة أبواب البيوت في مكةالمكرمة، حتى اتجهت طموحات هذه البعوضة العصامية لافتتاح فروع إقليمية في سائر أنحاء البلاد. لا شيء يقلق بعوضة الضنك .. فهي تلعب اليوم في أرضها وبين جمهورها، ومن ذا الذي يستطيع أن يحد من طموحاتها؟، فميزانية المكافحة طارت في جنح الظلام، والأحياء التي تتخللها أنهار المجاري تمنح هذه البعوضة شعورا خرافيا بالأمان، وموظفو الرش والتوعية لم يستلموا رواتبهم، و مخالفو الإقامة بسبب ظروفهم السيئة تحالفوا معها، ولم يعد أمام الآباء والأمهات سوى تفقد درجة حرارة أبنائهم ومدى احمرار أعينهم بعد عودتهم اليومية من المدرسة. الشيء الوحيد الذي يقلق حمى الضنك هو احتمال تصاعد انتشار حمى الخمرة المنافسة، فحينها لن يتم تصنيف سكان مدينة جدة بحسب ميولهم الرياضية (اتحادي ولا أهلاوي؟) بل بحسب نوع الحمى التي أصيب بها كل واحد منهم (ضنكاوي ولا خمراوي؟!). وفي ديربي البعوض لابد من تعزيز التعصب الجماهيري، لأن العائلة التي تجمع بين (الضنكيين) و (الخمراويين)، يمكن أن تساهم في إنتاج جيل ثالث من البعوض لا يتمتع بأي روح رياضية ويتعاطى المبيدات البائسة باعتبارها منشطات مشروعة، فيواجه عمال الرش بكل شجاعة وهو يقول: (إلا .. ماعندكم غير هالسالفة؟). مضت سنوات لابأس بها والناس تصرخ خوفا من الضنك، والخبراء يحذرون والصحافة تكتب بينما عيون المعنيين بالأمر معلقة بكل ريال يتم تخصيصه للمكافحة كي يتم استثماره وفقا للمبدأ الاقتصادي العريق: (من حضر القسمة فليقتسم)، أما البعوض الذي ملأ البر والبحر والجو فليس أمامنا سوى التعامل معه باعتباره قسمة ونصيبا، ولا أحد يعترض على القسمة والنصيب: ( والله أكبر يا نصيبي وأنا وش بيدي .. كل ما عدلت واحد يميل الثاني)!. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 211 مسافة ثم الرسالة