في خطوة يأمل البيت الأبيض في أن تسهم في تجاوز عقود من العلاقات مع العالم الإسلامي اتسمت بالحديث عن الإرهاب والنزاع، استضاف الرئيس الأمريكي باراك أوباما قمة «رواد الأعمال في العالم الإسلامي»، حضرها رجال أعمال من 50 بلدا في واشنطن، واستمرت يومي الاثنين والثلاثاء لتعزيز التنمية الاقتصادية مع الدول الإسلامية. وجدد الرئيس الأمريكي التزامه بما أسماها بداية جديدة مع العالم الإسلامي، وتعهد في كلمة أمام القمة بمواصلة بلاده جهودها لتعزيز السلام في الشرق الأوسط، وكبح ما وصفه بعنف المتشددين، ودعم التنمية الاقتصادية. وفي إطار سعيه للبناء على وعده بالانفتاح على العالم الإسلامي، الذي تضمنته كلمته في جامعة القاهرة في يونيو (حزيران) العام الماضي، استغل أوباما المؤتمر لإبراز الجهود التي قامت بها إدارته حتى الآن وتعهد بمواصلة العمل للتغلب على انعدام الثقة الذي شاب علاقات الطرفين. واستخدم الرئيس الأمريكي نفس الكلمات التي رددها في القاهرة قائلا «البداية الجديدة التي ننشدها ليست فقط ممكنة بل إنها بدأت فعلا». وكان الرئيس الأمريكي أعلن عزمه استضافة هذا المؤتمر، في خطابه في جامعة القاهرة، ويهدف إلى تنفيذ وعد أوباما لبذل المزيد من الجهود لتعزيز التنمية الاقتصادية ودعم روابط قطاع الأعمال الأمريكي مع العالم الإسلامي. ورغم أن أوباما حقق تقدما نحو تحسين صورة أمريكا في العالم الإسلامي فإنه ما زال يواجه تحديات في معالجته عملية السلام المتعثرة بين إسرائيل والفلسطينيين، إضافة إلى ملف إيران النووي والحرب في العراق وأفغانستان. وفي هذا السياق، أقر أوباما في كلمته أمام قمة الشراكة مع رجال الأعمال المسلمين أن رؤيته للعلاقة مع العالم الإسلامي لن تتحقق في عام واحد أو حتى بضعة أعوام، مشددا على ضرورة البدء، «وإننا جميعا علينا مسؤوليات يجب النهوض بها». وأمام 250 من ممثلي قطاع الأعمال من أكثر من 50 دولة، تطرق أوباما إلى بعض القضايا الساخنة بين واشنطن والعالم الإسلامي التي اعترف بأنها كثيرا ما تكون مصدرا للتوتر. وفي هذا السياق، أكد أن الولاياتالمتحدة لن تتخلى عن مساعيها الدبلوماسية رغم الصعوبات من أجل «حل يقوم على دولتين يضمن حقوق وأمن الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء». وبخصوص الحرب في العراق، قال أوباما إن الولاياتالمتحدة تنهي تلك الحرب بطريقة وصفها بالمسؤولة، وأشار إلى أنه في أفغانستان وباكستان وما وراءهما فإن بلاده تشكل شراكات جديدة لعزل من وصفهم بالمتطرفين، ومحاربة الفساد وتعزيز التنمية وتحسين حياة الناس والمجتمعات. ويعتبر التركيز على تنمية قطاع الأعمال جزءا من استراتيجية أوباما لمحاولة توسيع الحوار مع العالم الإسلامي إلى ما وراء حرب واشنطن على ما تسميه الإرهاب والتي هيمنت على نهج إدارة سلفه جورج بوش وأدت إلى استعداء الكثير من المسلمين. وفي إطار تغيير هذه الصورة دعا أوباما إلى العمل على شراكة بين العالم الإسلامي وأمريكا لدعم الفرص والازدهار، وتعزيز التبادل التجاري بين بلاده والدول الإسلامية، والتي يعادل حجم تبادلاتها التجارية مع الولاياتالمتحدة، حجم التبادلات التجارية بين أمريكا ودولة واحدة كالمكسيك مثلا. كما أكد أوباما على عقد قمة الشراكة بين العالم الإسلامي وأمريكا مجددا في تركيا العام المقبل. وكان وزير التجارة الأمريكي جاري لوك افتتح المؤتمر بالقول إن تعزيز النشاط الاقتصادي في الدول الإسلامية يصب في مصلحة الولاياتالمتحدة وهذه الدول، مشيرا إلى أنه لم يتم استغلال قدرات الموهوبين في الدول الإسلامية حتى الآن. وبالإضافة إلى لوك يشارك في المؤتمر عن الجانب الأمريكي كل من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير التعليم أرين دنكان ومسؤولين بارزين آخرين. وشارك في مؤتمر واشنطن مستثمرون وأصحاب مشاريع وأكاديميون وممثلو منظمات غير ربحية ومؤسسات مشاركة بالفعل في تشجيع النشاط الاقتصادي في المجتمعات الإسلامية.